للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القاضي فالحضور عنده لأجل الخصومة، والتسوية بين الخصوم واجبة، فإذًا الحكم لا يدور على الإمارة والقضاء بل على المعنى الذي أشرنا إليه، حتى لو جلس الأمير لفصل الخصومات فعل ما يفعله القاضي، ولو جلس القاضي للزيارة يفعل ما يفعله (١) الأمير (٢).

ثم ذكر (عن ابن سيرين حديثًا مثل ذلك).

وذكر (عن علي - رضي الله عنه - أنه نزل به ضيف فسأله علي [عن شيء قال]: ألك خصم؟ قال: نعم! قال: فتحوّل، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول "لا تضيفوا الخصم إلا مع الخصم") وهذا لأنه يتهم لأجل ذلك، والتحرز عن مواقف التهمة واجب.

(قال أبو حنيفة - رضي الله عنه -: لا بأس أن يجلس القاضي معه من يثق بدينه وأمانته وفقهه) (٣) أما التدين والأمانة فليؤمن معه وقوع الفساد، لأن مجلس القاضي يحضره النساء فمتى لم يكن الجليس أمينًا متدينًا لا يؤمن وقوع الفساد، وأما الفقه فليفد (٤) جلوسه إلى القاضي (٥) (ويكون قريبًا من القاضي بحيث يسمع كلامه وكلام من يحضره) فرق بين هذا وبين أعوان القاضي فإنهم يكونون على بُعد منه، وقد تقدم (٦).

(ولا ينبغي له أن يشاورهم) يعني الفقهاء (بحضرة الخصوم في شيء مما يتقدم فيه) كيلا يعلم الخصم ما يدور بين القاضي وبين من يشاوره وما يعزم عليه رأيه (٧) وقد ذكر قبل هذا عن عثمان - رضي الله عنه - أنه شاور عليًا وطلحة والزبير -رضي الله عنهم- بمحضر من الخصوم (٨)، وإنما كان كذلك لأن عثمان - رضي الله عنه - كان يقضي في الصدر الأول الذين شهد لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالخيرية ووصفهم بالأمانة، (٩) فكان تقدمهم إلى القاضي لاشتباه


(١) وفي الأصل "فعله".
(٢) والشرح هذا في س بالمعنى.
(٣) زاد في السعيدية بعد قوله وفقهه "في مجلس الحكم قريبًا منه حيث يسمعون كلامه وكلام من يحضر من الخصوم شرط ثلاثة أشياء: الديانة، والأمانة، والفقه" - وهو المتن الآتي بعد.
(٤) من م، وفي الأصل "فيفيد".
(٥) وفي س في شرح هذا القول هكذا: أما الديانة والأمانة فلأن مجلس القضاء تحضره امرأة شابة فلو لم يكن متدين أمينًا ربما يتمكن فيه فساد، وأما الفقه فلأن المقصود من المشورة إصابة الحق واستخراج الحكم وذلك إنما يتأتى بمشاورة الفقيه".
(٦) من قوله "فرق - إلخ" ليس هنا في س، والمتن هذا قدر فيها قبله كما نبهت عليه قبل ذلك.
(٧) بين المربعين من س.
(٨) وفي س "بمحضر من الخصوم".
(٩) وفي س مكان قوله "فكان تقدمهم" إلى آخر الشرح هذه العبارة: "وإنما تقع الخصومة فيما بينهم لاشتباه المحق من المبطل، فإنما يتقدّمان إلى القاضي ليتبيّن الحق من الباطل، فأما هذا الزمان فقد فسدوا واشتغلوا بالحيل =

<<  <   >  >>