للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر (عن الأعمش قال [قال لي القاسم بن عبد الرحمن: لو أنك جئت فجلست إليّ] يعني في مجلس القضاء! قال: فجلست إليه، فاختصم إليه خصمان قال) الراوي (فأخذ الأعمش عليَّ (١) فيه فقال: لأن قلت ذاك (٢) لقد قال عبد الله - رضي الله عنه -: إذا علم أحدكم فليقض وإلّا فليقر ولا يستحي) أفاد الحديث فوائد، منها أن القاضي إذا أراد أن يجلس معه الفقهاء فينبغي أن يسألهم ذلك من غير جبر عليه، ومنها أن الفقيه إذا جلس إلى القاضي فزلت قدمه فينبغي أن يقوّمه كما فعله الأعمش، لكنه جاهره بالرد لعلمه أن القاسم يغتنم ذلك منه ولا يكرهه، أما في زماننا هذا فلا ينبغي أن يجاهر القاضي بالرد عليه لأن ذلك يؤدي إلى الاستخفاف به والافتراء عليه وأن يزدري بين الخصوم، وقوله "لأن قلت ذلك لقد قال عبد الله" يحتمل أن يكون هذا قول الأعمش بأنه خاف (٣) أن يخجل القاسم (٤) من الرد عليه، وأنه لم يكن عالمًا فقال له "لا ينبغي أن يستحي" فقد قال عبد الله فيمن لم يعلم فليقر ولا يستحي، ويحتمل أن يكون ذلك قول القاسم للأعمش حين رد عليه (٤) فيكون كأنه ظن أن الأعمش يراه قد يستحي عن ذلك فقال له القاسم هذه المقالة ليعرفه أني لم أستح من ردك لأني لا أعلم فأقر ولا أستحي (٥) كما قال عبد الله، وهو الصحيح عندنا والله أعلم.

ذكر (عن إدريس (٦) قال: رأيت محارب بن دثار [يقضي] والحكم وحماد أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله، ينظر إلى حماد مرة وإلى الحكم مرة والخصوم بين يديه) هذا الحديث يفيد ما أفاده ما تقدم ذكره من الأحاديث.

وذكر (عن معمر قال: كانوا يرون للأمير ما ليس للقاضي، الأمير يدني منه ويباعد منه، والقاضي ليس له ذلك - الحديث) يعني يسوي بين الناس في مجلسه وإنما كان كذلك لأن الأمير يحضره الناس للزيارة فله أن يُنزل الناس منازلهم ويوفي كل ذي فضل فضله، وأما


(١) وكان في الأصلين "عليه" والصواب "على" كما في س.
(٢) وفي س "ذلك".
(٣) من م، وفي الأصل "كأنه خاف" وفي س "بأن خشي منه القاسم".
(٤) ما بين الرقمين ليس في س.
(٥) وفي س بعد ذلك: "وأنا ابن عبد الرحمن أقرّ بالعجز ولا أستحيي".
(٦) وفي س "عن إدريس عن أبيه". وهو إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي الزعافري، أبو عبد الله، وأخو داود، روى عن أبيه وعمرو بن مرة وأبي إسحاق السبيعي وطلحة بن مصرف وسماك بن حرب، وعنه ابنه عبد الله والثوري ووكيع وأمثالهم، روى له الستة. وأبوه يزيد أبو داود الأودي روى عن علي وأبي هريرة وعدي بن حاتم، روى له البخاري في الأدب والترمذي وابن ماجه وهو الذي يروي عنه الإمام الأعظم أبو حنيفة كما في الآثار لمحمد بن الحسن، وثقه العجلي، وذكره ابن حبان وفي الثقات - من تهذيب التهذيب ملخصًا. قلت: فإذن الصواب ما في س من زيادة قوله "عن أبيه".

<<  <   >  >>