للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم قال الحسن (نعم إنه يُدخل من عدله في ذلك اليوم على كل أهل بيت من المسلمين خيرًا) (١) وهذا صحيح (٢) لأن بالعدل يُمطَرون وبالجور يُقحَطونَ فتكون منفعة العدل عائدة على جميع المسلمين.

ثم ذكر (عن أبي عبيدة قال: إن الحكم العدل ليسكن (٣) الأصوات عن الله -عزّ وجل-، وإن الحكم الجائر ليكثر منه الشكاة (٤) إلى الله -عز وجل- وهذا صحيح (٥) لأنه متى قضى بالعدل رجع الخصمان غير شاكين، أما المحكوم له فلا إشكال، وكذا المحكوم عليه لا يشكو لعلمه أن الشكاية لا تنفعه لأنها بغير حق؛ وإن كان القضاء بجور رجعا شاكيين، أما المحكوم عليه فلا إشكال، وكذا المحكوم له لأنه يعلم أنه وقع في الحرام ولا يأمن أن يبتلى بحاكم جائر يحكم عليه كما حكم له هذا بالجور فيوجد الشكاية منهما.

ثم ذكر (عن الحسن أيضًا قال: إن الله -عَزَّ وَجَلَّ- أخذ على الحكام ثلاثًا: أن لا يتبعوا الهوى) وهذا ليس من قبيل ما يعلمه الحسن (٦) من تلقاء نفسه فإنما قاله سماعًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو رآه في كتب الأمم الماضية فإنه كان ينظر فيها ويخبر بذلك، وفي الحديث دليل أن نفس الهوى ليس بحرام، إنما اتباعه حرام لأنه هو المأخوذ، وهذا لأن المرأه إنما يكلف الإمتناع عما يمكنه الإمتناع عنه، ووقوع الهوى في قلب الحاكم إذا جثا الخصمان في مجلسه غير ممكن دفعه فلا يدخل تحت التكليف، والحديث موافق للكتاب، قال الله (٧) -عزّ وجل- {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى}، قال: وأن تخشوه ولا تخشوا الناس؛ وهو موافق للكتاب وهو قوله -عزّ وجل- {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من خاف الله تعالى خافه كل شي (٨) ومن خاف الناس أخافه الله من كل شيء (٩) "؛ وهذا لأنه متى خاف الناس أسخط الله -عزّ وجل-


(١) حرف "ثم" من س.
(٢) و (٣) بين الرقمين في س "وإنما كان ذلك".
(٤) في س "يسكن".
(٥) في س "يكثر الشكاية".
(٦) وفي س "وهذا ليس إلى الحسين علمه".
(٧) و (٨) مكان ما بين الرقمين وفي س "فيه دليل على أن المنهى اتباع الهوى لا نفس الهوى، وهذا لأن الإنسان يخاطب بالامتناع عما في وسعه، ونفس الهدى ليس في وسعه الامتناع عنه، فإنه إذا حتى الخصمان بين يديه لابد وأن يقع في قلبه إنه ينبغي أن يكون المال لهذا أو لهذا لكن هذا لا يمكن التحرز عنه فلا يخاطب بالامتناع عنه، إنما يخاطب بما في وسعه وهو الامتناع من اتباع الهوى، قال الله تعالى - إلخ".
(٩) وفي السعيدية "خاف منه كل شيء".

<<  <   >  >>