للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والقاضي ناظر للمسلمين فيفعل ما يكون فيه النظر وقال بعضهم (١) لا خلاف بين السلف في التكفيل وأن للقاضي أن يجبره على إعطاء الكفيل وما نقل من الآثار عنهم متأولة على ما سنذكره بعد هذا إن شاء الله تعالى وذكر (عن شريح أنّه قال لا كفالة في حد) وقد روي هذا الحديث مرفوعًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمعنى فيه من وجهين أحدهما أنّ الكفالة لا تليق بالحدود لأنّها شرعت للتوثق (١) والحدود مبناها على الدرء والإسقاط فلا يليق بها التوثق (٢) والثاني لأنّه (٣) لا حاجة إلى (٤) التكفيل في الحدود على ما سنذكره (قال (٥) أحمد بن عمرو وقال أصحابنا وقولهم لا كفالة في حد يدل على أنّهم يأخذون الكفيل في غير الحد) إلّا (٦) أنّ هذا مفهوم القول والمفهوم عندنا ليس بحجة وكان صاحب الكتاب يرى المفهوم حجة ثم المذهب (٧) عندنا أنّه لا كفالة في الحدود وأما الأموال وما أشبهها فإنّ القاضي يأخذ منه كفيلًا في ذلك أما الحدود فلأنه لا يمكن التكفيل (٨) فيها ولا حاجة إليه أما لا يمكن لما ذكرنا أنّ الكفالة شرعت للتوثق وهو لا يليق بالحدود وأما لا حاجة فلأنه بمجرد التهمة يحبس والحبس هناك يصلح جزاء للتهمة لأنّ جزاء الحقيقة عقوبة هي فوق الحبس ومتى حبس فلا حاجة إلى الكفيل وليس كذلك في الأموال فإنه لا يحبس بمجرد التهمة لأن ذلك جزاء الحقيقة أعني حقيقة الثبوت فلا يمكن أن يقام جزاء على التهمة فمست الحاجة إلى التكفيل (إذا ثبت ما ذكرنا من أن القاضي ينبغي له أن يأخذ منه كفيلًا وهو قول أصحابنا فتأويل ما ذكرنا من الآثار عن السلف) من أربعة أوجه ثلاثة منها ذكرها صاحب الكتاب ورابع


(١) وفي س ومنهم من قال لا اختلاف بينهم لكن ما روي عن قتادة وأبي هاشم وعامر مؤول إليه قال صاحب الكتاب وتأويله ما نبين اهـ.
(٢) وفي س هذا مختصرًا أن الكفالة مشروعة للتوثق.
(٣) وفي س بعد قوله على الدرء فلا يكون التكفيل لائقًا بالحدود.
(٤) وفي ص - س أنه مكان لأنه.
(٥) وفي س إليه فلا يجوز التكفيل بنفس من عليه الحد اهـ.
(٦) وفي س ثم قال في الكتاب وقول أصحابنا لا كفالة إلخ قلت فإذًا الصواب ما في س وما في الأصل وقولهم لا حاجة إليه.
(٧) عبارة هذا الشرح في س وهذا احتجاج بالمفهوم وصاحب الكتاب كان يرى الاحتجاج بالمفهوم صحيحًا وظاهر المذهب أن المفهوم ليس بحجة.
(٨) وفي س وهذا لأنه لا يمكن شرع التكفيل في باب الحد وأمكن في باب المال بما قلنا ولا حاجة إلى شرع التكفيل في باب الحد لأنه يمكن حبسه وفي باب المال بنا حاجة لأنه لا يمكن حبسه لأن الحبس في باب الدعاوى أقصى العقوبات ألا ترى أنه بعد ما ثبت الحق لا يعاقب بعقوبة أخرى سوى الحبس فقبل ثبوت الحق لا يجوز إيجاب أقصى العقوبات فإذا تعذر الحبس مست الحاجة إلى التكفيل ولا كذلك الحدود اهـ

<<  <   >  >>