للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكل آخر ببيع ذلك الشيء، فإن كل واحدٍ منهما ينفرد بالتّصرّف، ولو كان وكلهما جميعًا (١) لا ينفرد أحدهما بالتّصرف، ومنهم من قال على هذا الاختلاف (٢)، وهكذا ذكر الشيخ الإمام شمس الأئمة [أبو بكر] السّرخسي وفرّق أبو حنيفة ومحمّد بين هذا وبين الوكالة، وكذلك إذا خصّ نوعًا فقال لأحدهما بعينه أنت (٣) وصي في قضاء ما عليّ من الدين وقال لآخر أنت وصي في القيام بأمر مالي وما أخلف (٤) بعدي وفي أمر ولدي فإنّهما يصيران وصيين في جميع الأنواع عند أبي حنيفة - رضي الله عنه -، وعند أبي يوسف ومحمّد رحمة الله عليهما يصير وصيًّا فيما أوصي إليه بناء على أنّ من أوصى إلى رجل في نوع هل يصير وصيًّا في الأنواع كلّها، فرق أبو حنيفة رحمة الله عليه بين هذا وبين الوكالة، أمّا الفرق الأوّل وهو أوان (٥) وجوب الوصيّة بعد الموت [سواء قدم وصية هذا أو وصية ذلك فصار أوان وجوبهما ما بعد الموت]، فصار الإيصاء إليهما في وقتٍ واحدٍ وهو ما بعد الموت وليس كذلك (٦) التّوكيل، لأنّ أوان وجوبه أوان التّوكيل ووقت التّوكيل متفرق (٧) فلم يكن هذا توكيلًا لهما، وأمّا الفرق الثّاني وهو أنّ الولاية الثابتة بالإيصاء لا تحتمل الوصف بالتّجزّي [لأن الوصي قائم مقام الموصي وكان ولاية الموصي غير محتملة للوصف بالتجزي] (٨)، فكذا ولاية الوصى ولا كذلك الوكالة، لأنّ التوكيل إنابة، وقد أنابه في تصرف فلا يتعدّى عن ذلك إلى غيره، (قال ولو أوصى إلى رجلين فمات أحدهما ولم يوصِ إلى الآخر فإنّ على قول أبي حنيفة (٩) ومحمد رحمة الله عليهما ليس للوصي الآخر أن يعمل شيئًا حتّى يرفع إلى الحاكم فإن رأى أن يجعله وصيًّا وحده فعل، وإن رأى أن يضم إليه رجلًا آخر مكان الميّت فعل لأن الميّت رضي برأيهما دون رأي أحدهما، أمّا على قول أبي يوسف رحمه الله ينفرد الحيّ منهما بالتصرف كما في حالة الحياة، وقال ابن أبي ليلى رحمه الله لا يكون للقاضي أن يجعل هذا الوصيّ الحيّ وصيًا وحده ولو فعل لا يملك التّصرف وحده، وهكذا روي عن أبي حنيفة رحمه الله في النّوادر لأن الميّت لم يرض برأيه وحده في التصرّفات فلا يجوز له أن


(١) وفي س معًا.
(٢) وفي س قال هذا على الخلاف.
(٣) وفي س لأحدهما أنت.
(٤) وفي س وما خلفته.
(٥) وفي س وهو أن أوان وفي الآصفية وهو أوان وكان في الأصل هوان.
(٦) وفي س وكان متفرقين إيصاء إليهما بعد الموت ولا كذلك إلخ.
(٧) وكان في الأصلين منصرف وهو تحريف والصواب متفرق كما في س.
(٨) بين المربعين زيادة من الآصفية وس إلا أن فيها فكانت ولاية إلخ.
(٩) وكان في الأصلين أبي يوسف والصواب أبي حنيفة كما في س.

<<  <   >  >>