للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حاجة ومن خلفه مثل ذلك، وإنما أحاطوا به من الجهات الأربع ليسهل عليهم رؤيته للاقتداء بأفعاله وأقواله، وليتمتعوا بمشاهدته من كل الجهات (ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرنا) أي: بيننا، يقال: بين أظهرهم وظهورهم وظهرانيهم بفتح النون مثنى بمعنى الجمع (وعليه ينزل القرآن وهو يعلم تأويله) فيه الحث على التمسك بما أخبرهم به [عن فعل] (١) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجته تلك، فإنه كان ينزل عليه بما يفعله الوحي في جميع حجه فيفهمه عن الله ويبينه للناس، فلذلك قال: "خذوا عني مناسككم" (٢)، فكانوا كما قال جابر (فما عمل به من شيء عملنا به) أي: إذا عمل شيئًا اقتدوا به فيه وعملوا على نحو عمله (فأهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتوحيد) أي: بكلمة التوحيد النافية للشريك بقوله: لا شريك لك. بخلاف ما كانت تلبي الجاهلية إذ كانت تشرك بالله فتقول في تلبيته: إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك. ثم فسر كلمة التوحيد: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك) ولبيك كلمة (٣) يجاب بها المنادي، والقصد بها ها هنا: الإجابة لقول إبراهيم حين أمره الله بقوله: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} الآية، وهي مشتقة من لب بالمكان وألب لغتان، ومعناها: أنا مقيم على طاعتك إقامة بعد إقامة، ولفظها مثنى سقطت نونه للإضافة، ولكن المعنى على التكثير كما تقدم (إن) بكسر الهمزة على الأفصح للاستئناف، ويجوز الفتح على معنى لأن


(١) من (م).
(٢) رواه مسلم (١٢٩٧).
(٣) في (م): لفظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>