للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الاستعمال الشرعي، فسر به هذه الآية، وهو: منع الزكاة. فمن أدى الواجب في المال الذي هو الزكاة، لا يُكوى بالباقي الذي أمسكه؛ لأن المواريث ما جُعلت إلا في أموال تبقى بعد مالكيها، وهذا المعنى النبوي يتفق مع النصوص الشرعية الأخرى الموجبة للزكاة في المال، وما بقي بعدها فهو حلال لا مؤاخذة فيه، ومنها قوله تعالى ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ [التوبة ١٠٣]، فأمره بأخذ بعض أموالهم وهي زكاتها، التي فيها تطهير للباقي ونماء له (١)، وقوله : (نعم المال الصالح للرجل الصالح) (٢)، قال البخاري (ت: ٢٥٦): (باب: ما أُدِّيَ زكاته فليس بكنْز؛ لقول النبي : "ليس فيما دون خمسة أواقٍ صدقة")، قال ابن حجر (ت: ٨٥٢) في شرحه للباب: (ما لم تجب فيه الصدقة لا يُسَمى كنْزًا؛ لأنه معفوٌّ عنه، فليكن ما أُخرِجت منه الزكاة كذلك؛ لأنه عُفِيَ عنه بإخراج ما وجب منه فلا يُسَمى كنْزًا) (٣)، وعن أم سلمة قالت: كنت ألبس أوضاحًا (٤) من ذهب، فقلت: يا رسول الله أكنْزٌ هو؟ فقال: (ما بلغ أن تؤدى زكاته فَزُكِّيَ فليس بكنْز) (٥)، ولمَّا سُئل ابن عمر عن هذه الآية قال: (من كَنَزَها فلم يؤد زكاتَها فويل له) (٦)، وسُئلَ عن الكنْز ما هو؟ فقال: (هو المال الذي لا تُؤدَّى منه الزكاة) (٧). قال ابن كثير (ت: ٧٧٤): (وقد روي هذا عن ابن عباس، وجابر،


(١) أضواء البيان ٢/ ٣٢٢.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٤/ ١٩٧ (١٧٧٩٨)، والبخاري في الأدب المفرد ١/ ١١٢ (٢٩٩)، وابن حبان في صحيحه ٨/ ٦ (٣٢١٠)، وإسناده صحيح.
(٣) فتح الباري ٣/ ٣٢٠.
(٤) جمع وَضَح، وهي نوع من الحلي يُعمل من الفضة، سُمِّيَت بها لبياضها. ينظر: النهاية في غريب الحديث ٥/ ١٧٠.
(٥) أخرجه أبو داود ٢/ ٩٥ (١٥٦٤)، والحاكم ١/ ٥٤٧ (١٤٣٨) وصححه، والدارقطني في سننه ٢/ ١٠٥، والبيهقي في السنن ٤/ ٨٣ (٧٠٢٦)، والطبراني في الكبير ٢٣/ ٢٨١ (٦١٣)، وصححه ابن القطان، وقال العراقي: (سنده جيد). ينظر: نصب الراية ٢/ ٣٧١، وفتح الباري ٣/ ٣٢٠.
(٦) أخرجه البخاري في صحيحه ٣/ ٣١٨ (١٤٠٤).
(٧) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٢٥٦، وإسناده صحيح.

<<  <   >  >>