للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَصَرَّحت بان مرادها بالأرحام بنو الأب، يعني: من بني عمِّه وعصَبَتِه، وهذا يجوز، ولكنه لا ينفي غيره من إطلاق ذوي الأرحام على جميع القرابات. وهذه الآية ثَبَت في الصحيحين وغيره- ولا يكاد يُختَلَف فيه بين العلماء- أنها نسخت الموارثة التي كانت تقع بالهجرة والمُؤاخاة والحِلْف؛ لأنهم كانوا يتوارثون بالهجرة والمُؤاخاة، ولا يرث القريب من قريبه شيئًا إذا كان لم يُهاجر، كما تقدَّم في قوله ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِم مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا﴾ [الأنفال ٧٢]، وأن الله نسخ ذلك بالقرابات، وأن المُراد ﴿وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ﴾ [الأنفال ٧٥] أي: أصحاب القرابات من قرابة الأب والأم، بعضهم أولى ببعض في الميراث، أي: من الهاجرين الذين آخى النبي بينهم وبين الأنصار كما هو معروف، فنسخ الله ذلك الميراث أوَّلًا بميراث القريب قريبه، والولي وليّه) (١).

وقول ابن عباس في هذه الآية محلُّ اتفاقِ أكثر المفسرين، وممَّن ذهب إليه مقاتل (ت: ١٥٠)، والشافعي (ت: ٢٠٤)، وأحمد ابن حنبل (ت: ٢٤١)، وابن جرير (ت: ٣١٠)، والزجاج (٢) (ت: ٣١١)، والنحاس (ت: ٣٣٨)، والسمرقندي (ت: ٣٧٥)، والواحدي (ت: ٤٦٨)، ونسبه لجماعة المفسرين، والسمعاني (ت: ٤٨٩)، ونسبه لأكثر المفسرين، والبغوي (ت: ٥١٦)، والزمخشري (ت: ٥٣٨). (٣)

* * *


(١) العذب النمير ٥/ ٢٠٩٩ بتصرف يسير، وينظر: ٥/ ٢٠٧٦.
(٢) إبراهيم بن السَّريّ بن سهل، أبو إسحاق الزَّجَّاج، نسبةً إلى خرط الزجاج، إمامٌ لُغَويٌ مشهور، صَنَّف: معاني القرآن، والاشتقاق، وغيرهما، توفي سنة (٣١١). ينظر: معجم الأدباء ١/ ٥١، وبغية الوُعاة ١/ ٤١١.
(٣) ينظر: تفسير مقاتل ٢/ ٣١، والرسالة (ص: ٥٨٩)، وسيرة ابن هشام ١/ ٦٧٧، وجامع البيان ١٠/ ٧٤، ومعاني القرآن وإعرابه ٢/ ٤٢٥، ومعاني القرآن، للنحاس ٣/ ١٧٥، وبحر العلوم ٢/ ٢٩، وأحكام القرآن، جمع البيهقي ١/ ١٤٦، والوسيط ٢/ ٤٧٤، وتفسير السمعاني ٢/ ٢٨٣، ومعالم التنْزيل ٣/ ٣٨١، والكشاف ٢/ ٢٣٢، ومرويات الإمام أحمد في التفسير ٢/ ٢٦٩.

<<  <   >  >>