للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

سائر الصحابة) (١)، وقال ابن كثير (ت: ٧٧٤): (وأما قوله تعالى ﴿وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ [الأنفال ٧٥]، أي: في حكم الله، وليس المراد بقوله ﴿وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ﴾ [الأنفال ٧٥] خصوصية ما يطلقه علماء الفرائض على القرابة الذين لا فرض لهم ولا هم عصبة، بل يُدْلُون بوارث، كالخالة، والخال .. ، ونحوهم، كما قد يزعمه بعضهم، ويحتج بالآية، ويعتقد ذلك صريحا في المسألة، بل الحق أن الآية عامة، تشمل جميع القرابات، كما نص عليه ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، والحسن، وقتادة، وغير واحد؛ على أنها ناسخة للإرث بالحلف والإخاء، اللذين كانوا يتوارثون بهما أولًا، وعلى هذا فتشمل ذوي الأرحام بالاسم الخاص) (٢)، وقال الشنقيطي (ت: ١٣٩٣): (أولوا الأرحام، معناه: أصحاب الأرحام، وهم ذوو القرابات، وشَذَّ قومٌ هُنا وقالوا: إن المُراد بها أرحام العصبات الخاصة، وممَّن نصر هذا القول: أبو عبد الله القرطبي في تفسيره (٣)، وهو ليس بصواب، وما استدلُّوا به في ذلك لا ينهض حُجَّةً؛ لأنهم قالوا: إن العرب كثيرًا ما تُطلِق "الرحم" على قرابة العصبات، دون قرابات غيرهم، قالوا: تقول العرب: (وصلتك رَحِم)، يعنون به رحم العصبات لا غيرها، وقالت قُتَيْلة بنت الحارث، أو بنت النضر بن الحارث في رجزها المشهور، لَمَّا قَتلَ النبيُّ النضرَ بن الحارث في رجوعه من بدر، قالت في شعرها (٤):

ظَلَّت سيوف بني أبيه تَنُوشُه … لله أرحَامٌ هناك تشَقَّقُ


(١) أحكام القرآن ٣/ ٩٩.
(٢) تفسير القرآن العظيم ٤/ ١٦١٧.
(٣) الجامع لأحكام القرآن ٨/ ٣٨، وممَّن قال به أيضًا: ابن العربي في أحكام القرآن ٢/ ٣٦٣، والرازي في التفسير الكبير ١٥/ ١٧٠.
(٤) نسبها ابن إسحاق وابن هشام لقُتَيْلة بنت الحارث، وقال السهيلي: الصحيح أنها بنت النضر بن الحارث لا أخته. ينظر: سيرة ابن هشام ٣/ ٤٢، والروض الأُنُف ٣/ ٢١٨، والجامع لأحكام القرآن ٨/ ٣٨.

<<  <   >  >>