للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ليس بشيء، وهو بعيد من معنى الآية وسياقها، وأضعف منه قول عكرمة: هي الألسنة توري نار العداوة بعظيم ما تتكلم به. وأضعف منه ما ذكر عن مجاهد: هي أفكار الرجال، توري نار المكر والخديعة في الحرب.

وهذه الأقوال إن أريد أن اللفظ دل عليها، وأنها هي المراد فغلط، وإن أريد أنها أُخذَت من طريق الإشارة والقياس فأمرها قريب، وتفسير الناس يدور على ثلاثة أصول (١):

١ - تفسير على اللفظ، وهو الذي ينحُو إليه المتأخرون.

٢ - وتفسير على المعنى، وهو الذي يذكره السلف.

٣ - وتفسير على الإشارة والقياس، وهو الذي ينحُو إليه كثير من الصوفية وغيرهم، وهذا لا بأس به بأربعة شرائط: ١ - أن لا يناقض معنى الآية، ٢ - وأن يكون معنى صحيحًا في نفسه، ٣ - وأن يكون في اللفظ إشعار به، ٤ - وأن يكون بينه وبين معنى الآية ارتباط وتلازم (٢). فإذا اجتمعت هذه الأمور الأربعة كان استنباطًا حسنًا) (٣).

إن استنباط ما هو صالح من المعاني المتّصلة باللفظ مسألة هامَّة، ولها في تفاسير السلف أمثلة كثيرة، وقد بيّن بعض شرائطها ابن القيم (ت: ٧٥١) فيما سَمَّاه: "التفسير


(١) ذكر قريبًا منها ابن عاشور في حديثه عن طرائق المفسرين، في المقدمة الرابعة لتفسيره. التحرير والتنوير ١/ ٤٢، وينظر: تفسير آيات أشكلت ١/ ١٤٩.
(٢) فلا يُقصَر معنى الآية عليه؛ لأنه تابع ومترتب على المعنى الأصلي للآية. قال ابن القيم (ت: ٧٥١) عن استنباطٍ لبعض الصوفية اختلت فيه بعض هذه الشروط: (والاستشهاد بهذا من جنس الألغاز). طريق الهجرتين (ص: ٥٠٧).
(٣) التبيان في أقسام القرآن (ص: ٨٤)، وينظر: مدارج السالكين ٣/ ٢٤٨، والوابل الصيب (ص: ١٧٩).

<<  <   >  >>