للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

على فرائض الله، واجتناب محارمه، وما يلحق من شدائد الدنيا في طاعته) (١)، وقال ابن حجر (ت: ٨٥٢): (وحمل الآية على الأول أظهر- أي: الرباط في سبيل الله-، وما احتجَّ به أبو سلمة لا حُجَّةَ فيه، ولا سيَّما مع ثبوت حديث الباب (٢)، فعلى تقدير أنه لم يكن في عهد رسول الله رباط، فلا يمنع ذلك من الأمر به، والترغيب فيه) (٣)، بل حمل بعضُ العلماء وصفَ النبي لانتظار الصلاة بعد الصلاة بالرباط، على أنه تشبيهٌ بالرباط في سبيل الله، لشِدَّة ظهور المعنى فيه (٤)، وقد يُفهَم من قول أبي هريرة (أما إنه لم يكن في زمان النبي غزو يُرابِطون فيه)، أمران:

الأول: أن الرباط في الثغور في سبيل الله، أشهر معاني الرباط؛ ولذا بَدأ أبو هريرة بنفيه أولًا.

الثاني: قد يُقال: معنى كلام أبي هريرة: أنه لو كان في زمان النبي غزو يُرابطون فيه، لكان هو المعنى للآية. وقد ذكر ابن حجر (ت: ٨٥٢) أن قول أبي هريرة هذا ليس بلازم، فتكون إشارة أبي هريرة تلك مُرَجِّحٌ للمعنى الآخر.

وهو أيضًا قول أكثر المفسرين (٥)، وقال به الضحاك (ت: ١٠٥)، والقرظي (ت: ١٠٨)، والحسن (ت: ١١٠)، وقتادة (ت: ١١٧)، وزيد بن أسلم (ت: ١٣٦)، وابن جريج (٦) (ت: ١٥٠)، ومقاتل (ت: ١٥٠)، وابن قتيبة (ت: ٢٧٦)، وابن جرير


(١) الجامع لعلم القرآن (مخطوط، ص: ٣٤٤).
(٢) هو حديث أبي حازم سهل بن سعد الساعدي السابق.
(٣) فتح الباري ٦/ ١٠١.
(٤) كالقاضي عياض في مشارق الأنوار ١/ ٤٤٣، وابن عطية في المحرر الوجيز ١/ ٥٦٠، وابن القيم في مدارج السالكين ٢/ ٤٣٢.
(٥) ينظر: الوسيط ١/ ٥٣٨.
(٦) عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، أبو الوليد الرومي، مولى بني أميَّة، عالم مكة، ثقةٌ حافظ، طلب العلم كبيرًا، ولزم عطاء ثمانية عشر سنة، وتوفي سنة (١٥٠). ينظر: السير ١٨/ ٤٦٨، والتقريب (ص: ٦٢٤).

<<  <   >  >>