للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُمَكِّن امرأة نبيٍّ من الفاحشة؛ ولهذا غضب الله على الذين رموا أمَّ المؤمنين عائشة بنت الصدِّيق زوجَ النبي ، وأنكر على المؤمنين الذين تكَلَّموا بهذا وأشاعوه؛ ولهذا قال تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُو بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النور ١١]، إلى قوله ﴿إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾ [النور ١٥]) (١)، وقال: (وليس المُراد بقوله ﴿فَخَانَتَاهُمَا﴾ [التحريم ١٠] في فاحشة، بل في الدين؛ فإن نساء الأنبياء معصومات عن الوقوع في الفاحشة؛ لحُرمَة الأنبياء، كما قَدَّمنا في سورة النور) (٢)، وقال ابن تيمية (ت: ٧٢٨): (وكانت خيانتهما لهما في الدين لا في الفراش، فإنه ما بغت امرأة نبي قط، إذ نكاح الكافرة قد يجوز في بعض الشرائع، ويجوز في شريعتنا نكاح بعض الأنواع، وهُنَّ الكتابيَّات، وأما نكاح البَغِيّ فهو دياثة، وقد صان الله النبي عن أن يكون ديُّوثًا؛ ولهذا كان الصواب قول من قال من الفقهاء بتحريم نكاح البغيّ حتى تتوب) (٣).

ثم أجاب جمهور المفسرين عمَّا استدل به أصحاب القول الأول بما يأتي:

أولًا: استدلالهم بقوله تعالى ﴿إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ﴾ [هود ٤٦]، لا حجة فيه، إذ المعنى: إنه ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجِيَهم؛ لأنه ليس على دينك. قال ابن جرير (ت: ٣١٠): (وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: إنه ليس من أهلك الذين وعدتك أن أُنجيَهم؛ لأنه كان لدينك مُخالفًا، وبي كافرًا) (٤)، وهذا على عادة العرب


(١) تفسير القرآن العظيم ٤/ ١٧٩٤.
(٢) المرجع السابق ٨/ ٣٥٧٢.
(٣) مجموع الفتاوى ٧/ ٤٧٣، وينظر: تفسير آيات أشكلت ١/ ١٨٥، والإحكام، للآمدي ١/ ٢٢٧، وشرح الكوكب المنير ٢/ ١٦٩.
(٤) جامع البيان ١٢/ ٦٩.

<<  <   >  >>