للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأهوال العظيمة) (١). والقراءة المذكورة شاذَّة (٢)، وتوجيهها على ما سبق.

رابعًا: وأما قوله تعالى ﴿فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ [هود ٤٦]، فالمُراد به: لا تسألنِ ما ليس لك به علمٌ بجواز مسألته، وذلك أنه سألَ ربَّه نجاة ابنه مع كفره، ولم يسبق له أن علم المنع من ذلك، وقيل المُراد: سؤاله في إنجاء كافر- لم يعلم بكفره- من العذاب. (٣)

خامسًا: وأما قولهم: إنه المفهوم من قوله تعالى ﴿فَخَانَتَاهُمَا﴾ [التحريم ١٠] عند الإطلاق. فالخيانة تكون على غير باب كما سبق (٤)، وفي القرآن شواهد لذلك، كما أنه يمتنع إرادة المعنى المذكور لمُعارضته أصلًا شرعيًا مُعتَبرًا، دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، وهو: أنَّ كُلَّ تفسير خالف القرآن، أو السنة، أو إجماع الأمة فهو رَدّ، كما أن كل تفسير يطعن في عصمة النبوة ومقام الرسالة فهو ردٌّ كذلك.

سادسًا: أما قولهم: إن جريمة الزنا ليست بأعظم من جريمة الشرك، وليس يمتنع اجتماع هاتين الجريمتين. فهو صحيح من وجه، ولكنه هنا مُنتَفٍ لتعلقه بجانب نبيٍّ معصوم في نفسه وعِرضه، كما أن هناك فرقًا بين كِلا الجريمتين، أبان عنه الزمخشري (ت: ٥٣٨) بقوله: (ولا يجوز أن يُراد بالخيانة الفجور؛ لأنه سمجٌ في الطباع، نقيصةٌ عند كل أحد، بخلاف الكفر فإن الكفار لا يستسمجونه، بل يستحسنونه، ويسمونه حَقًا) (٥).

ومن ثَمَّ فإن القول الثاني هو الصواب في هذه الآية، وهو: أن الخيانة كانت في الدين، ولم تكن بالزنا. وهو ما ذكره ابن عباس ، وجماهير المفسرين، وثبت


(١) البحر المحيط ٥/ ٢٢٧.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ٩/ ٣١، ٣٣، والمرجع السابق.
(٣) ينظر: الوجيز ١/ ٥٢٢، وزاد المسير (ص: ٦٥٧).
(٤) وينظر: تحصيل نظائر القرآن (ص: ٧٩)، والوجوه والنظائر، للدامغاني (ص: ١٩٩)، ونزهة الأعين النواظر (ص: ٢٨١).
(٥) الكشاف ٤/ ٥٥٩.

<<  <   >  >>