للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويعرفون، ومن عُرفِ المُخاطب هنا أنهم كانوا يتنعمون بأرزاقهم في الدنيا في هذين الوقتين، بل يرون من علامات الخير والنعمة أن يصيب أحدهم الغداء والعشاء في يومٍ في هذين الوقتين، فعن يحيى بن أبي كثير (١) (ت: ١٣٢) قال: (كانت العرب في زمانهم من وجد منهم عشاءً وغداءً فذاك الناعم في أنفسهم، فأنزل الله ﴿وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾ [مريم ٦٢]: قدر ما بين غدائكم في الدنيا، إلى عشائكم) (٢)، ونحوه عن الحسن (ت: ١١٠)، وقتادة (ت: ١١٧) (٣)، وقال مجاهد (ت: ١٠٤): (ليس بكرة ولا عشيّ، ولكن يؤتون به على ما كانوا يشتهون في الدنيا) (٤)، وقال الحسن (ت: ١١٠): (خوطبوا على ما كانت العرب تعلم من أفضل العيش؛ فوصف الله ﷿ جنته بذلك) (٥). ثم إن (اليوم اللغوي وإن كان محدودًا بطلوع الشمس إلا أن له مقدارًا من امتداد الزمان معقولًا) (٦)، قال ابن قتيبة (ت: ٢٧٦): (ونحن لا نعرف دهرًا لا يختلف له وقت، ولا يُرى فيه ظلامٌ ولا شمس، فأراد الله جل وعز أن يُعَرِّفنا من حيث نفهم ونعلم أحوالَ الجنةِ في مأكلهم، واعتدال أوقات مطاعمهم، فضرب لنا البُكرةَ والعشيّ مثلًا، إذ كانا يدُلان على العشاء والغداء، وروى عبد الرزاق (٧)، عن معمر، عن قتادة أنه قال: كانت العرب إذا أصاب أحدهم الغداء والعشاء أعجبه ذلك، فأخبرهم الله أن لهم في الجنة هذه الحال التي تعجبهم في الدنيا) (٨).


(١) يحيى بن أبي كثير الطائي مولاهم، أبو نصر اليمامي، ثقة ثبت عابد، مات سنة (١٣٢). ينظر: الكاشف ٢/ ٣٧٣، والتقريب (ص: ١٠٦٥).
(٢) جامع البيان ١٦/ ١٢٨، والدر ٥/ ٤٦٦.
(٣) ينظر: تفسير عبد الرزاق ٢/ ٣٦١، وجامع البيان ١٦/ ١٢٩، والدر ٥/ ٤٦٦.
(٤) تفسير ابن سلاَّم ١/ ٢٣٢، وجامع البيان ١٦/ ١٢٨.
(٥) معالم التنْزيل ٥/ ٢٤٣، وتفسير ابن كثير ٥/ ٢٢٣٧.
(٦) أجوبة العلامة الفقيه أبي عبد الله ابن البقال على أسئلة الفقيه أبي زيد القيسي في حَلِّ إشكالات تتعلق بآيات، (ص: ٥٧)، ضمن مجموع: لقاء العشر الأواخر بالمسجد الحرام، رسالة رقم (٦٥).
(٧) تفسيره ٢/ ٣٦١.
(٨) تأويل مشكل القرآن (ص: ٥٦).

<<  <   >  >>