للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومَنْكُوحَةٍ غَيْر مَمْهورَة … وأُخرَى يُقَالُ لَهُ فَادِها

وقال الفرزدق (١) (ت: ١١٠):

وذاتُ حَليلٍ أنكحَتْنا رِمَاحُنَا … حلالًا لِمَنْ يبنِي بها لَمْ تُطَلَّقِ

وقد جاء النكاح بمعنى الوطء في كتاب الله تعالى في قوله ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّىَ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البقرة ٢٣٠]، كمَا قَوَّى هذا المعنى عنده قوله تعالى في آخر الآية ﴿وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور ٣]، أي: الزنا. وأيضًا فإن السياق في بيان عقوبة الزنا وشناعته، فكانت هذه الآية مُنَفِّرةً منه، ومُبيِّنَةً لقبح حال فاعله؛ لأنه لا يُطاوع الزاني إلا فاجرةٌ من النساء، أو كافرةٌ لا ترى حُرْمَته، وقد أفاد هذا المعنى أن الرجل والمرأة سواء في اسم الزنا وحكمه، فإذا كان الرجل زانيًا فالمرأة مثله إذا طاوعته، وإذا زنت المرأة فالرجل مثلها زانٍ، وإن اختلفا في الدين، ويفيد ذلك مُساواتهما في الحدِّ- إن كانا مُسلمين-، وعقاب الآخرة، وقطع الموالاة، وما إلى ذلك. (٢)


(١) همام بن غالب بن صعصعة التميميّ البصري، اشتهر بلقبه، أشعر أهل زمانه مع جرير والأخطل، مات سنة (١١٠). ينظر: طبقات فحول الشعراء ٢/ ٢٩٨، والأغاني ٢١/ ١٩٣. وقصَّةُ البيت فيهما: ٢/ ٣٣٦، و ٢١/ ٢١٣.
وقد أنكر الزَّجاج (ت: ٣١١)، والأزهري (ت: ٣٧٠)، وتبعهما الزمخشري (ت: ٥٣٨)، وابن عاشور (ت: ١٣٩٣) أن يكون في القرآن النكاحُ بمعنى الوطء، وقد ثبت هذا المعنى في كلام العرب، كما ثبت بتفسير ابن عباس ، بل قيل إن الأصل في النكاح لُغَةً: الوطء، ثم سُمِّيَ العقد نكاحًا لأنه سبب إليه. ينظر: كتاب العين ٤/ ٢٦٣، وتهذيب اللغة ٤/ ٦٤، والصَّحاح ١/ ٤١٣، ونزهة الأعين النواظر (ص: ٥٩٠)، والإمام في بيان أدلة الأحكام (ص: ١٩٤).
ولعل مُراد من نفى: مجيئه بمعنى الوطء فقط، لا بمعنى العقد والوطء معًا، كما سيأتي في كلام ابن تيمية .
(٢) ينظر: أحكام القرآن، للجصاص ٣/ ٣٤٦، وأضواء البيان ٦/ ٥٠.

<<  <   >  >>