للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثاني: أنه التعريض للمرأة بمَا يُستَحيا منه، وهو قول ابن عباس من طُرُقٍ عنه، وابن عمر، وابن الزبير ، وأبو العالية (ت: ٩٣)، وطاووس (ت: ١٠٦)، وعطاء بن أبي رباح (ت: ١١٤)، والسُدِّي (ت: ١٢٨). (١)

الثالث: أنه فُحشُ الكلام ولَغوِهِ عُمومًا، ذكره أبو عبيدة (ت: ٢٠٩)، وضَعَّفه ابن عطية (ت: ٥٤٦).

والراجح في معنى الرَّفَث في هذه الآية أنَّه: الجِمَاعُ وَمُقَدِّماتُه؛ من قولٍ أو فِعلٍ. وهو بهذا يشمَل القولين الأوَّليْن، إذ لا تعارضَ بينهما؛ فإنهما من قبيل التفسير بأصلِ اللَّفظ في القول الأول، -ولم يُرِد من قاله نفي المعنى الثاني-، ومن قبيل التفسير ببعض المعنى في القول الثاني، إذ قصد القائل هُنا ذِكْرَ أعظَم معاني الرَّفَث في هذا المَقام، فليس من وقع في الجماع حالَ إحرامه، كمن تلفظَ بشيء منه في كلامه، والرَّفَثُ في القول أو الفعل سببٌ إلى الجماع، كما سيأتي ذكره عن الطحاوي (ت: ٣٢١)، والنحاس (ت: ٣٣٨). ويُؤَكِّد ذلك أن جميع مَنْ ذُكِر مِمَّنْ فَسَّرَ الرَّفَث بأنَّه: الإعراب بأمر الجماع، فَسَّرَه كذلك بأنَّه: الجماع- عدا طاووس-. ويُقَوِّي معنى العموم في لفظ "الرَّفَث" نفيَ الجنس المُفيد للعموم في قوله ﴿فَلَا رَفَثَ﴾ [البقرة ١٩٧]، وفي السُّنَّة جاء النفي في سياق الشرط ليُفيدَ العموم أيضًا، وذاك في قوله : (من حَجَّ فلم يَرفُث، ولم يَفسُق رجع من ذنوبه كيوم ولدَتْه أُمُّه) (٢). ولا يُشكِلُ على ذلك نفي ابن عباس لمعنى الجماع الوارد في آية الصيام، فإنه أراد بذلك أنه ليس الجماع فقط كما هو في تلك الآية، وإنما هو الجماع والإعرابُ فيه. ويدلُّ على ذلك رواية ابن جرير وفيها: (عن طاووس قال: سألت ابن عباس عن قول الله ﴿فَلَا


(١) المرجع السابق، وأحكام القرآن، للطحاوي ٢/ ٣٢.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه ٣/ ٤٤٦ (١٥٢١)، ومسلم في صحيحه ٣/ ٤٧٨ (١٣٥٠).

<<  <   >  >>