للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَفَثَ﴾ [البقرة ١٩٧]، قال: (الرفث الذي ذكر هنا ليس الرفث الذي ذكر في ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾ [البقرة ١٨٧]، ومن الرَّفَث التعريضُ بذكرِ الجماع، وهي الإعرابُ في كلام العرب) (١). ويدلُّ على إرادة ابن عباس كِلا المعنيين، صِحَّة النقل عنه فيهما، كما أن جمهرة طلابه- عدا طاووس- على أنه الجِماع، ويَبعُد أن تقع مخالفتهم لشيخهم بهذه الكثرة، لولا أنه من قول شيخهم وتفسيره على ما نقلوا عنه.

وتبقى الإشارة إلى تخصيص العِرابةِ وذكرِ النكاح ومُقَدِّماته بما إذا كان أمام النساء، كما ثبت عن ابن عباس وابن عمر وغيرهما ، والجواب أن الكلام بذلك إنما يكون رَفَثًا إذا خوطِبَت به المَرأة، أما ذكره عند غير النساء فليس من الرَّفَث. (٢)

واختار العموم في معنى الرَّفَث: ابن جرير (ت: ٣١٠)، وعَلَّلَ ذلك بعدم المُخَصّص لمعنىً دون آخر (٣)، واختاره كذلك الزجاج (ت: ٣١١) (٤)، والطحاوي (ت: ٣٢١) وقال بعد ذكر القولين: (وكان هذا عندنا غير مخالف للقول الأول؛ لأن الرفث هو الجماع وما دون الجماع ممَّا هو من أسبابه، فجائز في اللغة أن يُسمَّى باسمه؛ إذ كان من أسبابه في حُرمَة الحج، توكيدًا منهما بحرمة الجماع في الحج) (٥)،


(١) جامع البيان ٢/ ٣٦١. و ٣/ ٤٦٢ من طبعة/ التركي.
(٢) ينظر: جامع البيان ٢/ ٣٦٥، وجمهرة اللغة ١/ ٤٢٢، وتهذيب اللغة ١٥/ ٥٨. وقَد صَحَّ عن ابن عباس أنه كان يرتَجِزُ وهو مُحرِم، ويقول:
وَهُنَّ يَمْشِينَ بِنَا هَمِيسَا … إنْ تَصْدُقِ الطَّيْرُ نَنِكْ لَمِيسَا
فَذكرَ الجماع ولم يَكْنِ عنه، فقال له حصين بن قيس: يا أبا عباس: تقول الرَّفَث وأنت محرم؟! قال: الرَّفَثُ ما رُوجِع به النساء. أخرجه سعيد بن منصور ٣/ ٨٠٦، وابن جرير ٢/ ٣٥٩، والبيهقي في سننه الكبرى ٥/ ٦٧.
(٣) جامع البيان ٢/ ٣٦٥.
(٤) معاني القرآن وإعرابه ١/ ٢٦٩.
(٥) أحكام القرآن ٢/ ٣٣.

<<  <   >  >>