للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(البخل أن يبخل الإنسان بما في يديه، والشُّحُّ أن يَشِحَّ على ما في أيدي الناس) (١)، وقال ابن زيد (ت: ١٨٢) في قوله تعالى ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ﴾ [الحشر ٩]: (من وُقِيَ شُحَّ نفسه فلم يأخذ من الحرام شيئًا، ولم يقربه، ولم يَدْعُهُ الشُّحُّ أن يحبسَ من الحلال شيئًا، فهو من المفلحين) (٢)، وقال ابن عيينة (ت: ١٩٨): (الشُّحُّ: الظلم، وليس الشُّحُّ أن تبخل بما في يدك؛ لأن الله تعالى يقول ﴿وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَّفْسِهِ﴾ [محمد ٣٨]) (٣)، وقال الليث (٤) (ت: ١٧٥): (الشُّحُّ ترك الفرائض، وانتهاك المحارم) (٥). وهذا المعنى هو الأوفق للسياق، فإن الآيات في سورة الحشر في سياق مدح الأنصار، والثناء عليهم، ونفْيُ الشُّحِّ أبلغ من نفي البخل، فإنه نفيٌ للبخل وزيادة، قال الواحدي (ت: ٤٦٨): (قال المفسرون: يعني أن الأنصار مِمَّنْ وُقِيَ الشُحَّ حين طابت أنفسُهُم عن الفيء) (٦).

وعلى هذا المعنى الصحيح عن ابن مسعود جمهور المفسرين، وعامَّة اللغويين، قال ابن جرير (ت: ٣١٠) بعد أن ذكر معنى الشُّحِّ لُغَةً: (وأمَّا العلماء فإنهم يرون أن الشُّحَّ في هذا الموضع إنما هو أكل أموال الناس بغير حَقّ) (٧)، وقال النحاس (ت: ٣٣٨): (وأهل التفسير على أن الشُّحَّ أخذ المال بغير حَقّ) (٨)، وقال به الفراء


(١) عزاه السيوطي في الدر ٨/ ١٠٣ لابن المنذر.
(٢) جامع البيان ٢٨/ ٥٧ (٢٦٢٥١).
(٣) تفسير غريب القرآن (ص: ٤٠٢)، وتفسير السمعاني ٥/ ٤٥٥، وتفسير سفيان بن عيينة (ص: ٣٣٣).
(٤) الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفَهْمي، أبو الحارث المصري، ثقة ثبت فقيه إمام مشهور، مات سنة (١٧٥). ينظر: السير ٨/ ١٣٦، وتهذيب التهذيب ٣/ ٤٨١.
(٥) تفسير ابن وهب ٢/ ١٥٨.
(٦) الوسيط ٤/ ٢٧٥.
(٧) جامع البيان ٢٨/ ٥٦.
(٨) إعراب القرآن ٤/ ٢٦٢.

<<  <   >  >>