للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثانيًا: أنه قد صَحَّ عن ابن عباس تفسير القسورة بالأسد كما مرَّ، وهذا يؤكد علمه به في لغة العرب بعد أن لم يكن يعلمه.

ثالثًا: قد يكون مُراده بتلك العبارة: نفي أن تكون "قسورة" بمعنى الأسد في أصل لغة العرب، قال الفراهي (١) (ت: ١٣٤٩): (وأمَّا كون بعض الألفاظ من غير لغة قريش، فإن صَحَّت الرواية فنحملها على بيان أصل الكلمة، فإنه لا شكَّ أن غيرَ واحدٍ من الألفاظ العربية مجلوبةٌ من لسان آخر، مثل كلمة: سِجِّيل، وقسطاس، وقنطار، وهذا لا يجعل الكلمة غريبة، ولا مجهولة) (٢)، وقال ابن عاشور (ت: ١٣٩٣): (وعنه- أي: ابن عباس- أنه أنكر أن يكون قَسوَر اسم الأسد، فلعله أراد أنه ليس في أصل العربية، وقد عَدَّه ابن السبكي (٣) في الألفاظ الواردة في القرآن بغير لغة العرب، في أبيات ذكر فيها ذلك (٤) (٥)، ويقوي هذا التوجيه ما ورد عن ابن عباس قال عن القسورة: (هو بالعربية: الأسد. وبالفارسية: شار. وبالنبطية: أريا. وبالحبشية:


(١) عبد الحميد بن عبد الكريم الأنصاري، حميد الدين أبو أحمد الفراهي، عالم لُغوي مُفسر، صنف: نظام الفرقان، ومفردات القرآن، وإمعان في أقسام القرآن، مات سنة (١٣٤٩). ينظر: مقدمة مفردات القرآن (ص: ١١).
(٢) مفردات القرآن (ص: ١٠٩).
(٣) عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي، تاج الدين أبو نصر الشافعي، فقيه أصولي، شرح مختصر ابن الحاجب، وله طبقات الشافعية الكبرى، مات سنة (٧٧١). ينظر: الدرر الكامنة ٣/ ٢٣٢، وشذرات الذهب ٨/ ٣٧٨.
(٤) أوردها السيوطي في الإتقان ١/ ٢٨١، وهي خمسة أبيات، وذَيَّل عليها ابنُ حجر ثم السيوطي، فبلغت الألفاظ فيها جميعًا فوق المِئَة، وقد تعقب كُلٌّ من الدكتور عبد الصبور شاهين، وعبد الجليل عبد الرحيم جُملَةً وافرة مما ذكره السيوطي من معرب القرآن، وبَيَّنَا عربيَّتها. ينظر: القراءات القرآنية في ضوء علم اللغة الحديث (ص: ٣١١ - ٣٢٨)، ولغة القرآن الكريم (ص: ٢١٩ - ٢٢٨).
(٥) التحرير والتنوير ٢٩/ ٣٣٠، وعن المُعَرَّب في القرآن ينظر: الرسالة (ص: ٤٤)، والصاحبي (ص: ٣٢)، والبرهان ١/ ٣٥٩، والإتقان ١/ ٢٧١، ولغة القرآن الكريم (ص: ١٩٨ - ٢١٣)، ومُعَرَّب القرآن عربيٌّ أصيل (ص: ٤ - ٢٦).

<<  <   >  >>