للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا ينافي الصديقية والولاية، ولا يُخرج العبد عن كونه من المتقين، بل يجتمع فيه الأمران يكون وليًا لله صديقًا متقيًا، وهو مسيء ظالم لنفسه، علم أن ظلمه لنفسه لا يخرجه عن كونه من الذين اصطفاهم الله من عباده، وأورثهم كتابه، إذ هو مصطفىً من جهة كونه من ورثةِ الكتاب علمًا وعملًا، ظالمٌ لنفسه من جهة تفريطه في بعض ما أُمرَ به، وتعديه بعض ما نُهي عنه، كما يكون الرجل وليًا لله محبوبًا له من جهة، ومبغوضًا له من جهة أخرى .. ، ونكتةُ المسألة أن الاصطفاء والولاية والصديقية، وكون الرجل من الأبرار ومن المتقين ونحو ذلك، كلها مراتب تقبل التجزيء والانقسام والكمال والنقصان، كما هو ثابت باتفاق المسلمين في أصل الإيمان، وعلى هذا فيكون هذا القسم مصطفىً من وجه، ظالمًا لنفسه من وجه آخر) (١). ودخول الظالم لنفسه في اصطفاء الله لهذه الأمة في هذه الآية، هو كدخوله في الذكر والشرف لهذه الأمة، الوارد في قوله تعالى ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ [الزخرف ٤٤]. (٢)

وقد أكثر المفسرون من ذكر معاني أخرى غير هذين المعنيين (٣)، وكُلُّها من باب التمثيل لِلَّفظ بذكر بعض أفراده. (٤)

* * *


(١) طريق الهجرتين (ص: ٣٠٧)، وينظر: مجموع الفتاوى ١٠/ ٦.
(٢) ينظر: زاد المسير (ص: ١١٦٢).
(٣) أوصلها بعضهم إلى ثلاثةٍ وأربعين قولًا. ينظر: تفسير التستري (ص: ١٢٩)، والكشف والبيان ٨/ ١٠٩، والبحر المحيط ٧/ ٢٩٩.
(٤) ينظر: مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٣٧.

<<  <   >  >>