للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

عليها الخطأ والكذب فيما نَقَلَته مُجْمِعَةً عليه، وكفى دليلًا على فساد قولٍ إجماعُها على تَخطِئَته) (١).

وزاد ابن كثير (ت: ٧٧٤) في رَدِّ قولِ مجاهد (ت: ١٠٤) هذا: مخالفتهُ للظاهر من السياق في هذا الموطن وفي غيره من المواطن كما سبق بيانه، وقال بعد أن استوعب أقوال المفسرين في مقابل هذا القول: (والغرض من هذا السياق عن هؤلاء الأئمة بيان خلاف ما ذهب إليه مجاهد ، من أن مسخهم إنما كان معنويًا لا صوريًّا، بل الصحيح أنه معنوي صوري) (٢).

أمَّا الآية التي ذكرها مجاهدُ (ت: ١٠٤) نظيرًا لهذه الآية فلا يصح الاستشهاد بها، فإن الله تعالى بَيَّنَ أنه ضربَ ذلك مثلًا، فقال ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ [الجمعة ٥]، ولو ورد في آية البقرة هذه أنه مثلٌ لهم لكان لقول مجاهد وجه، لكن لا ذكر للمثل في كلا آيتي البقرة والأعراف. ثُمَّ المسخ المعنوي الذي ذُكِر معنىً لهذه الآية لا جديد فيه كما في القول الآخر، فإنه حاصِلٌ للكفار والمنافقين كما في قوله تعالى ﴿أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴾ [الفرقان ٤٤]. وليس في كلام مجاهد (ت: ١٠٤) ما يُفيد إنكار المسخ من حيث هو، فإنه ثابتٌ في الأحاديث الصحيحة (٣). ولم أجد من المفسرين من وافق مُجاهدًا (ت: ١٠٤) في قوله


(١) جامع البيان ١/ ٤٧٣. وينظر: البداية والنهاية ٢/ ٩٦.
(٢) تفسير القرآن العظيم ١/ ١٦٠ طبعة: دار الفكر، وفي طبعة إبراهيم البَنَّا ١/ ٢٨٨: (صوري لا معنوي)، والأول أقرب إلى تَمام المعنى وسياقه، وعليه أكثر النسخ، وينظر: طبعة سامي السلامة ١/ ٢٩٢.
(٣) كما في صحيح البخاري ١٠/ ٥٣ (٥٥٩٠). وقد ذكر صاحب "أسباب الخطأ في التفسير" قولَ مجاهد هذا ١/ ٥٤٦، وجعل من أوجه إبطاله حصول المسخ في آخر هذه الأمة كما في الحديث، ولا وجه لذكره ما لم يَثْبُت إنكار مجاهد للمسخ من أصله، ولا يُظَن هذا من مثل مجاهد .

<<  <   >  >>