للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والكوثر لُغَةً: فَوْعَلٌ من الكثرة، أي: بليغُ الكَثرَة (١)، قال الشاعر (٢):

وأنتَ كَثيرٌ يا ابنَ مروانَ طَيِّبٌ … وكانَ أبوكَ ابنُ العَقائِل كَوثَرا

(والعرب تُسَمِّي كُلَّ شيءٍ كثيرٍ في العدد والقدر والخطر: كوثَرًا) (٣)، وهو ما اعتمده أصحاب القول الأول.

ولكنه تفسيرٌ مُقابَلٌ في القول الثاني بتفسير النبي ، وقَد جعلَهُ جماعةٌ من المفسرين نَصًّا من النبي ، يُخَصَّصُ به العموم اللفظي في الآية، وممَّن ذهب إلى ذلك ابن جرير (ت: ٣١٠)، وابن أبي زمنين (ت: ٣٩٩)، والبغوي (ت: ٥١٦)، والقرطبي (ت: ٦٧١)، والطوفي (ت: ٧١٦)، وابن جُزي (ت: ٧٤١)، وأبو حيان (ت: ٧٤٥)، وابن حجر (ت: ٨٥٢) (٤)، ونسبه الواحدي (ت: ٤٦٨) لأكثر المفسرين (٥)، وقال الرازي (ت: ٦٠٤): (وهو المشهور والمستفيض عند السلف والخلف) (٦).

والصواب أن تفسير النبي للكوثر بأنه نهرٌ في الجنة، هو من باب التمثيل لا التخصيص، وهو ما فهمه ابن عباس ، ومن تبعه من المفسرين، فإن الأحاديث في الكوثر بلغت حَدَّ التواتر (٧)، فلم تكن لتخفى على ابن عباس ،


(١) ينظر: تفسير غريب القرآن (ص: ٤٧٤)، وتهذيب اللغة ١٠/ ١٠٢، والمفردات (ص: ٧٠٣)، وأساس البلاغة ٢/ ١٢٣.
(٢) هو: الكميت بن زيد الأسدي، ينظر: لسان العرب ٥/ ١٣٣.
(٣) الكشف والبيان ١٠/ ٣٠٨، وينظر: معالم التنْزيل ٨/ ٥٥٨، والجامع لأحكام القرآن ٢٠/ ١٤٧.
(٤) ينظر: جامع البيان ٣٠/ ٤١٨، وتفسير القرآن العزيز ٥/ ١٦٧، ومعالم التنْزيل ٨/ ٥٥٨، والجامع لأحكام القرآن ٢٠/ ١٤٨، والإشارات الإلهية ٣/ ٤٢٣، والتسهيل ٤/ ٤٢٦، والبحر المحيط ٨/ ٥٢٠، وفتح الباري ٨/ ٦٠٤،
(٥) الوسيط ٤/ ٥٦٠، وينظر: أنموذج جليل (ص: ٥٨٢).
(٦) التفسير الكبير ٣٢/ ١١٦.
(٧) ينظر: تفسير ابن كثير ٨/ ٣٨٧٧، ونظم المُتناثِر من الحديث المُتواتر (ص: ٢٥٠).

<<  <   >  >>