للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بل قد صَحَّ عنه تفسير الكوثر بأنه نهرٌ في الجنة، كما سبق، ولا يُتَصَوَّر أن يخالف ابن عباس نَصَّ حديث رسول الله لو كان أراد ذلك.

ووجوه ترجيح العموم في الآية عديدة، وهي:

الأول: أنه الحقيقة اللغوية لكلمة: كوثر. ولا يُقَدَّم عليها النقل الشرعي ما لَم يكُن صريحًا.

الثاني: أنه دلالة اللفظ في قوله تعالى ﴿الْكَوْثَرَ﴾ [الكوثر ١]، فإن اقتران هذه الصفة باللام المفيدة للاستغراق جعلها شامِلَة، ولإعطاء معنى الكثرة كاملة. (١)

الثالث: دلالة حذف موصوف الكوثر، فإنه أبلغُ في العموم؛ لِمَا فيه من عدم التعيين. (٢)

الرابع: أن فَهم ابن عباس للتمثيل، أولى من فهم من بعده للتخصيص، فمن حضر التنْزيل وعاصر نزوله وأحواله، كان أعرف بتأويله، ولا يُعارَض هذا بأقوال غيره من الصحابة أن الكوثر نهرٌ في الجنة كما سبق؛ إذ أقوالُهم جاريةٌ مجرى التعريف بالكوثر شرعًا، لا تفسير معناه في الآية، ولو جُعِلَت أقوالهم في سياق بيان معنى الآية لكانت من قبيل التمثيل للمعنى أيضًا، إذ ليس في كلامهم دليلُ تخصيص يُعتَمَد عليه.

الخامس: أن قَولَه في الحديث: (عليه خيرٌ كثيرٌ)، يُشعِرُ بأن معنى الوصفية موجود، وهو ما فهمه ابن عباس ومن تبعه من المفسرين.

السادس: أن العموم أنسب لسياق الآية، فقد قال تعالى في آخر السورة ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ﴾ [الكوثر ٣]، وذلك فيمَن قال من المشركين عن رسول الله لَمَّا


(١) ينظر: مقدمة تفسير ابن النقيب (ص: ٥٢٢)، ومجموع الفتاوى ١٦/ ٥٣٠.
(٢) ينظر: مجموع الفتاوى ١٦/ ٥٢٩، ودقائق التفسير ٦/ ٣١٢.

<<  <   >  >>