للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

النوافل بعد الفرائض (١)، وهذه الآية بمنْزلة قوله تعالى ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [البقرة ٤٣]، وقوله فيما يرويه عن ربه ﷿: (من عادى لي وليًّا فقد آذَنتُه بالحرب، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحَبَّ إليَّ ممَّا افترضتُه عليه، وما يزال عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنوافل حتى أُحِبَّه) (٢).

خامسًا: أن ثَناء الله تعالى على هذا الفعل في الصلاة يجعله دائرًا بين الوجوب والاستحباب؛ لأن الله تعالى لا يُثني إلا على ما هو محمودٌ عنده، والصدقةُ والهدية والعتق والهبة والإجارة والنكاح والطلاق ونحوها من العقود ليست مُستحبة ولا واجبةٌ في الصلاة باتفاق المسلمين، بل كثيرٌ منهم يُبطِل الصلاة بمثل ذلك وإن لم يتكلم فاعله، بل تبطل بالإشارة المفهومة (٣). ثُمَّ مُقتَضى إقامة الصلاة المذكور في الآية خُلُوُّها من أي عملٍ فيها من غير جنسها ولو قيلَ بإباحته. (٤)

سادسًا: أنه لو قُدِّر أن هذا مشروعٌ في الصلاة لم يختص به الركوع، بل فعله في القيام والقعود أولى منه وأيسر. فإن قيل: أُرِيدَ بهذا التعريف، لا المدح بالوصف. قيل: وكيف يُتركُ تعريفُ علي بالأمور الكثيرة المعروفة الظاهرة، ويُعرَّفُ بأمرٍ لا يعرفه إلا من سمعه وصَدَّقه؟!

سابعًا: أن حمل لفظ الزكاة على التصدُّق بالخاتم فيه بُعدٌ؛ لأن الزكاة لا تأتي إلا


(١) ينظر: التحرير والتنوير ٦/ ٢٤٠.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه ١١/ ٣٤٨ (٦٥٠٢).
(٣) ينظر: المحلى ٣/ ٥١، والمجموع ٤/ ٢٠، والمغني ٢/ ٢٤٥، والإشارات الإلهية ٢/ ١٢٣، وتفسير ابن كثير ٣/ ١١٩٤.
(٤) ينظر: روح المعاني ٦/ ٤٦٠. وقد فَرَّع الجصاص في أحكام القرآن ٢/ ٥٥٧ على تصدُّقِ علي في الصلاة: إباحةَ العمل اليسير فيها. واجتهد في إثبات ذلك، وكذا فعل ابنُ الفرس المالكي في أحكام القرآن (مخطوط، ص: ٧١)، وينظر: الإكليل ٢/ ٦٤٨. ورُبَّما أمكن الاستدلال لذلك من غير هذه القصة الباطلة.

<<  <   >  >>