للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بلفظها المختصِّ بها، وهو: الزكاة المفروضة. (١)

ثامنًا: مُقتضى الآية على هذا القول: أن عليًّا آتى الزكاة حالَ ركوعه. وعليٌّ مِمَّنْ لم تجِب عليه على عهد رسول الله ؛ فإنه كان فقيرًا، وزكاة الفضة إنما تجب على من ملك النصاب حولًا، وعليٌّ لم يكن من هؤلاء. (٢)

تاسعًا: أن المُراد بالوَلاية في الآية: المحبةُ والنصرة والإعانة. فهي ولايةٌ في الدين، وليس يُرادُ بها: الوِلاية، التي هي الإمارة والسلطنة. والفرقُ بينهما ظاهِرٌ معروف، فالأمير يُسَمَّى الوالي، ولا يُسمَّى الوليّ، فلفظ الوَليّ والوَلاية غير لفظ الوالي، والآيةُ عامَّةٌ في المؤمنين، والإمارة لا تكون عامَّة. قال أبو عبيد (ت: ٢٢٤): (فالمولَى والوَليُّ واحد، والدليل على هذا قوله ﷿ ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ [البقرة ٢٥٧]، ثُمَّ قال في موضعٍ آخَر ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ﴾ [محمد ١١]، فمعنى حديث النبيصلى الله عليه وسلم - من كنت مولاه-: في ولاية الدين، وهي أجَلُّ الولايات) (٣).

عاشرًا: أن الله سبحانه لا يُوصَفُ بأنه مُتَوَلٍّ على عباده، أو أميرٌ عليهم، وتقدست أسماؤه، فإنه خالقهم ورازقهم ومدبر أمرهم، وله الخلق والأمر. بل الرسول أيضًا لا يُقال إنه مُتَوَلٍّ على الناس وأميرٌ عليهم، فإن قدرَه أجلُّ من ذلك.

حادي عشر: ومن ثَمَّ فلا حُجَّة لهم في قوله : (من كنت مولاه فعليٌّ مولاه)؛ لأن معناه كما قال أبو عبيد (ت: ٢٢٤): (من كنت وليًّا له أُعينه وأنصره، فعليٌّ يعينه وينصره في الدين) (٤).


(١) ينظر: الجامع لأحكام القرآن ٦/ ١٤٤.
(٢) ينظر: طبقات ابن سعد ٣/ ١٧، والتفسير الكبير ١٢/ ٢٧، والسير، قسم الخلفاء الراشدون (ص: ٢٤٤).
(٣) معاني القرآن، للنحاس ٢/ ٣٢٥. وينظر: التفسير الكبير ١٢/ ٢٤، وروح المعاني ٦/ ٤٥٩.
(٤) تفسير السمعاني ٢/ ٤٨، وينظر: نكت القرآن ١/ ٢١٠، والغريبين ٦/ ٢٠٣٤.

<<  <   >  >>