للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

العلم قولهم: (كُفرٌ دون كفر، وفِسقٌ دون فسق) (١)، قال المروزي (٢) (ت: ٢٩٤): (الفسق فسقان: فسق ينقل عن الملة، وفسق لا ينقل عن الملة، فيُسمى الكافر فاسقًا، والفاسق من المسلمين فاسقًا) (٣). ثُمَّ ما ورد في النص تسميته فسقًا من الذنوب يكون أعظم مما لم يُسَمَّ بذلك، قال البيضاوي (ت: ٦٨٥): (والفسق إذا استُعمل في نوع من المعاصي دَلَّ على عظمته، كأنه مُتجاوزٌ عن حَدِّه) (٤)، بل قد خُصَّ الفاسقُ عرفًا واستعمالًا بمن ارتكب كبيرة، أو أصرَّ على صغيرة، قال الأصفهاني (ت: بعد ٤٥٠): (والفسق يقع بالقليل من الذنوب وبالكثير، لكن تُعُورِف فيما كان كثيرًا) (٥)، وقال ابن حجر (ت: ٨٥٢): (والفسق في عُرف الشرع أشدُّ من العصيان) (٦)، وقد أشار إلى ذلك ابنُ سلاَّم (ت: ٢٠٠) في هذه الآية بقوله: (وهي كبيرة).

ومن ثَمَّ فكلا المعنيين المذكورين صحيحٌ لُغَةً، مُستَعمَلٌ في القرآن الكريم (٧)، ويتحدد أيُّ نوعيه هو المراد بحسب السياق، كما سبق عن ابن عباس ، فإن كان السياق في الكافرين فهو فسق الشرك، وإن كان في المؤمنين فهو فسق المعصية، ولا يصح حمل جميع ما في القرآن منه على معنىً واحد.


(١) جامع البيان ٦/ ٣٤٧، وجامع الترمذي ٥/ ٢١.
(٢) محمد بن نصر بن الحجاج المروزي، أبو عبد الله الحافظ، إمام في الحديث والسنة والأثر، صنف: تعظيم قدر الصلاة، واختلاف الفقهاء، وغيرها، توفي سنة (٢٩٤). ينظر: السير ١٤/ ٣٣، وطبقات الشافعية الكبرى ٢/ ٢٤٦.
(٣) تعظيم قدر الصلاة ٢/ ٥٢٦، وينظر: مجموع الفتاوى ١١/ ١٤٠، ١٤٣، و ٧/ ٥٢٤، وكتاب الصلاة، لابن القيم (ص: ٧٥).
(٤) أنوار التنْزيل ١/ ٨٣.
(٥) المفردات (ص: ٦٣٦).
(٦) فتح الباري ١/ ١٣٨، وينظر: التفسير الكبير ٢٣/ ١٤٢، وروح المعاني ١/ ٢٨٤.
(٧) ينظر: الأشباه والنظائر، لمقاتل (ص: ٣٢٨)، والوجوه والنظائر، للدامغاني (ص: ٣٦٨)، ونزهة الأعين النواظر (ص: ٤٦٥).

<<  <   >  >>