للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: حتى سأله عن التفسير كله) (١)، وقال أبو الجوزاء (ت: ٨٣): (أقمت مع ابنِ عباسٍ وعائشةَ اثنتي عشرةَ سنة، ليس من القرآنِ آيةٌ إلا سألتُهُم عنها) (٢)، وقال الشعبي (ت: ١٠٤): (والله ما مِنْ آيةٍ إلا قد سَأَلتُ عنها) (٣).

وكان من مُقتَضى خيريَّةِ هذه القرون الثلاثة من السلف أن يُبَيِّنوا معاني كتاب الله تعالى للناس أوضَحَ بيان، وأن يُصَحِّحوا لهم معانيه كما يُصَحِّحوا ألفاظه، قال أبو عبد الرحمن السلمي (ت: ٧٤): (حدثنا الذين كانوا يُقرِؤوننا القرآن كعثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وأُبَيّ بن كعب أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي عشرَ آياتٍ لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعًا) (٤).

ولأجل هذه المقاصد الجليلة تميَّز تفسير السلف بالإجمال، والاختصار، وضرب الأمثال من واقع الناس، والاستشهاد بألفاظهم وأساليبهم السليمة على المعاني، وكان عامَّةُ تفسيرهم على المعنى تسهيلًا وتقريبًا.

وقد اتَّخذَ بيانُهم للقرآن الكريم مسلَكَينِ عامَّين:

أوَّلُهما: عرضُ معاني الآيات وبيانها ابتداءً، ونَشرُ ذلك بين الناس، وهذا الأصل في تفسيرهم، وهو الأكثر، وعليه قامت مُصَنَّفاتهم في التفسير.

وثانيهما: رَدُّ المعاني الناقصة أو الباطلة، مع بيان صحيح المعاني وأولاها، وهو


(١) جامع البيان ١/ ٦٢. وقال مجاهد مرَّةً: (هكذا وجدت في كتابي) جامع البيان ٣٠/ ٣٩، وهو بِهذا يُعَدُّ أولَ من صَنَّفً كتابًا كاملًا في التفسير؛ فإن ابن عباس توفي سنة (٦٨)، ومجاهدٌ فرغ من كتابة تفسيره كاملًا قبل ذلك.
(٢) التاريخ الكبير ٢/ ١٦، وينظر: الثقات، لابن حِبَّان ٤/ ٤٢.
(٣) جامع البيان ١/ ٦٠.
(٤) جامع البيان ١/ ٥٦، والكشف والبيان (مخطوط، لوحة: ٣٣)، والسير ٤/ ٢٦٩، ٢٧١.

<<  <   >  >>