للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُخالَف، وكذا قول الصحابة فلا يخرَجُ عنه.

رابعًا: ثَمَّةَ وجوهٌ من الترجيح ليست في قُوَّةِ هذه الوجوه الأربعة وتَقَدُّمِها، وهي مع ذلك مُفِيدةٌ مُعتَبَرة في الترجيح، ويقعُ الترجيح بها في تفاسير السلف كثيرًا مع تأخُّرها في القوَّة أو الظهور عن غيرها من الوجوه، ومن هذه الوجوه:

١ - الترجيح بما ورد من أخبار أهل الكتاب المروية عنهم أو من كتبهم؛ مِمَّا وافق شرعنا أو لم يخالفه، وما صَحَّ عن الصحابة من ذلك أعلاها درجةً؛ لتوثُّقهم في النقل، وتحَرِّيهم في المعنى، وقد وقع من السلف الترجيح كثيرًا بهذا الوجه، كما في الاستدراك رقم (٢٨). (١)

٢ - فصاحةُ اللسان، وهي في التفسير مَزِيَةٌ لَهَا شَأن، تُعين صاحبها على صِحَّة الفهم، وحُسن الاختيار من المعاني، كما في الاستدراك رقم (٦٢).

٣ - و ٤ - الرسوخ وتحقُّق الملكة في اللغة، والتَّفَرُّغ لتحصيل العلم والانقطاع إليه. وقد أشار إليهما ابن عباس فيما حكاه سعيد بن جبير (ت: ٩٥) قال: (اختلفت أنا وعطاء وعبيد بن عمير في قوله ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [النساء ٤٣]، فقال عبيد بن عمير: هو الجماع. وقلت أنا وعطاء: هو اللمس. قال: فدخلنا على ابن عباس فسألناه، فقال: (غُلب فريقُ الموالي، وأصابت العرب). أو قال: (أخطأ المَوْلَيَان وأصاب العربيُّ؛ هو الجماع، ولكن الله يَعُفُّ ويَكنِي) (٢)، وقد أُشيرَ إلى هذا الجانب


(١) حصر بعض الباحثين مرويات ابن مسعود في التفسير من أخبار الأمم السابقة، فبلغت نحو (١٨٠) أثرًا. ينظر: تفسير ابن مسعود ١/ ٧١. وينظر: جامع البيان ١٦/ ٩٧، والدر ٥/ ٤٤٧ عن كعب الأحبار، وتفسير ابن أبي حاتم ٣/ ٧٦١ عن ابن عباس ، وسؤالاته لأبي الجلد عند ابن أبي حاتم ١/ ٥٥، وسؤالاته لكعب الأحبار في تفسير ابن وهب ١/ ٢٩، ٢/ ٨٠، وقد جمعتُ كلّ الأخبار الإسرائيلية المروية عن السلف في تفسير ابن جرير، وبيّنت اعتمادهم عليها في التفسير تبيينًا وترجيحًا، وذلك في كتاب: "الإسرائيليات في تفسير ابن جرير الطبري الرواة والموضوعات والمقاصد".
(٢) تفسير ابن وهب ١/ ١٠٨ (٢٤٥)، وجامع البيان ٥/ ١٤٢ (٧٥٩٦ - ٧٥٩٧).

<<  <   >  >>