للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولمَّا تَبَدَّت لنا سُدفَةٌ (١) ولاح من الصبح خيط أنارا) (٢).

قال أبو حيّان (ت: ٧٤٥): (وكلُّ ما دَقَّ واستطال وأشبه الخيط؛ سَمَّته العرب خيطًا) (٣).

ثم جاء تفسير النبي مُبيّنًا ما أُجمِلَ على عديٍّ (٤)، أو مُذَكِّرًا له ما فاته من التنبه إلى كلمة ﴿مِنَ الْفَجْرِ﴾ [البقرة ١٨٧] بعد ذِكر الخيطين في الآية، مِمَّا كان ينبغي معه تفسير الخيطين ببياض النهار وسواد الليل.

وقد جاء التنبيه النبوي الكريم لعَديّ على خطئِه (٥) بنمط رفيع من الأدب وحُسن الخطاب، إذ قال له رسول الله : (إنّ وِسادك إذًا لَعريض) (٦)، وفي لفظ: (إنك لعريض القفا إن أبصرت الخيطين) (٧)، وأصح ما قيل في معناه ما قاله أبو العباس القرطبي (٨) (ت: ٦٥٦): (وإنما عَنى بذلك النبي والله أعلم-: أنَّ وِسادك إن غطّى الخيطين اللذين أراد الله، اللذين هُما الليل والنهار، فهو إذًا عريض واسعٌ؛ إذ قد شملهما وعلاهما، ألا تراه قد قال على إثر ذلك: (إنما هُو سواد الليل وبياض النهار)؟!، فكأنه قال: فكيف يدخلان تحت وِساد؟! وإلى هذا يرجع قوله: (إنك


(١) من الأضداد، يُراد بها الضوء ويُراد بها الظلمة، وهي هنا بالمعنى الأوّل. ينظر: الأضداد، لابن الأنباري (ص: ١١٤).
(٢) فتح الباري ٤/ ١٦٠.
(٣) البحر المحيط ٢/ ٥٨، وينظر: مجاز القرآن، للعز ابن عبد السلام (ص: ٣٨٠).
(٤) ينظر: البرهان في علوم القرآن ٢/ ٢٣٥، والإتقان في علوم القرآن ٢/ ٣٧.
(٥) ينظر: تلخيص كتاب الاستغاثة ٢/ ٦١٦، ومجموع الفتاوى ٣/ ٢٨٧.
(٦) أخرجه البخاري في صحيحه ٨/ ٣١ (٤٥٠٩)، ومسلم في صحيحه ٣/ ١٦٣ (١٠٩٠).
(٧) أخرجه البخاري في صحيحه ٨/ ٣١ (٤٥١٠).
(٨) أحمد بن عمر بن إبراهيم الأنصاري، أبو العباس القرطبي المالكي، المُحَدّث الفقيه، شيخ القرطبي المفسر، اختصر الصحيحين، وشرح مختصره لمسلم في: المُفْهِم، توفي سنة (٦٥٦). ينظر: السير ٢٣/ ٣٢٣، وشذرات الذهب ٧/ ٤٧٣.

<<  <   >  >>