موضع ولايته يحكمه فقال له ((أيها الحاكم قد استوفيت ديني أو أبرأته فأطلقه))، فقال لصاحبه ((امض معه وأطلق خصمه))، هل ينفذ أذنه ويجوز له ذلك الإطلاق؟ فقلت أنا: لا يجوز. وقال غيري: يجوز. فقلت: الإطلاق للمحبوس حكم منه فلا يجوز في غير موضع ولايته؛ كالتحليف، وسماع الدعوى.
فقال حنبلي: إلا أنه بتأخير الإطلاق ظالمًا. لأن الحبس عقوبة ومع زوال سبب العقوبة لا يجوز استدامتها، بخلاف الحكم باليمين وسماع الدعوى. ولأن المغلب في الحبس حق صاحب حق؛ فإذا طلب إطلاقه لم يجز للحاكم تأخير إطلاقه.
قلت: أما تسميته ظالمًا بعد الإطلاق، لا يجوز؛ لأنه لم يوجد شرط الإطلاق. وإنما يكون ظالمًا إذا وجد شرط الإطلاق ولم يطلق. ومن شرط الإطلاق أن يكون في موضع ينفذ منه الحكم بالحبس والحكم بسائر وجوه الأحكام. ومعلوم أنه متى أخر الحبس أو الاستدعاء لمن استدعى عليه خصم كان ظالمًا بشرط أن يكون في موضع ولايته، فأما في غيره فلا. وأما قولك ((المغلب في الحبس حق صاحب حق)) فليس كذلك. بدليل أنه لو كان كذلك، لملك أن يمضي ويطلقه إذا استوفى منه أو أبرأه.
قال: إنما لم يملك أن يطلقه وحده، لأنه يكون افتياتًا على الحاكم.
قلت: وهنا متى أطلقه في غير موضع حكمه، كان مفتاتًا على صاحب الولاية في الوضع الذي حكم بالإطلاق فيه؛ ولا يكون ظالمًا- لانتظاره حصول