مجوز لحاجة تعم. وبالعذر تجدد غناء يخص، فلا يؤثر في الحاجة العامة التي وضع لأجلها العقد.
قيل له: لا يجوز أن تكون الإباحة في حق غني لا يوجد في حقه؛ لأن حاجة غيري لا توجب الإباحة في حقي لما وضعت إباحته لأجل الحاجة.
قال الحنبلي: ليست العلة حاجة تخص، بل حاجة تعم. يبين صحة هذا أن من يملك ألف خان، وإن كان غنيًا، فما يملكه من منافع الأعيان مراعاة للحاجة العامة. ولو كان الاعتبار بما يخص من الحاجة، لما ساغ له العقد من الغنى الذي يخصه. ألا ترى أن الإباحة لأجل الضرورة، لو كانت عمت في بادية أو برية، أباحت الميتة في حق كل المضطرين؟ فلو نذر واحد من أهل البادية بالغنى عن أكلها، لما أبيح له الأكل لضرورة غيره. ولما جاز ههنا للغني عن المنافع أن يكتري ويستأجر مع غنى يخصه دل على أنه ما أباحه ذلك إلا للحاجة العامة التي ذكرناها. وهذا يشير الأصول كلها، المعاوضات والعبادات. فإن عقد السلم أبيح على المعدوم لحاجة أهل الثمار إلى الثمن وحاجة أهل الثمن إلى استرخاص الثمر. ثم يجوز ذلك في حق الأغنياء بالأثمان أن يسلفوا على ثمارهم، ولأهل الثمار أن يسلموا في ثمار غيرهم. وكذلك رخصة السفر تعم المتودع والمتبذل مراعاةً