بينهما. بدليل أن من دبغ جلد الإنسان، فأزال الرطوبة عنه، بقي الجلد مالًا؛ فلو أتلفه، ضمنه؛ ولو أتلفه وهو ميت، لم يضمنه؛ لأنه لم يتخلص عنه ما أخرجه عن حيز المالية. وكذلك لو خلط الماء النجس حتى كثر وزال تغييره، وأتلفه، ضمنه؛ ولو أتلفه ابتداءً لم يضمنه. وكذلك الخمر إذا أتلفها فانتقلت خلًا وأتلفها، ضمنها، ولو أتلفها ابتداءً لم يضمن. ولو باعها على ما هي عليه، لم يصح البيع، ولو فككها وباع، صح البيع.
قال الشافعي: هي آلة للهو بتأليف مميز عن المالية. فهو أشبه شبهًا بالجارية المغنية. فإن الغناء، لما كان صفة فيها، لم يمنع بيعها ساذجة وضمانها ساذجة. وكذا أقول إن بيعها لأجل التأليف بثمن يوازي التأليف لا يصح. وبيعها بثمن يوازي أعيانها ساذجة يصح. وكذلك إتلافها تضمن به ساذجة. وإذا كان في هذه العين مالية فارق مسائل الاستشهاد. فإن الخمر كلها ليست مالًا، بل عينها محرمة نجسة؛ فلذلك لم تضمن؛ لأن الضمان إنما يقابل مالية، ولا مالية في الخمر. وكذلك الجلد؛ وإنما إذا استحال انقلبت العين فضمنت. والخل عين أخرى.
قال الشافعي أيضًا: ولأن إتلاف آلة اللهو إنما هو حسبه وإنكار. ومهما أمكننا دفع المنكر بالأسهل، فدفعناه بالأشد، ضمنًا. بدليل من صال على أنسان، وأمكنه أن يدفعه عن نفسه بالأسهل فدفعه بالأشد، كالحجر