وأما قولكم إن أفعالنا لا تقع لها آثار، فكلا. ونحن نرد بهذا على من جحد سؤال منكر ونكير. وهو أن الله سح أخبر بذلك في قتلى بدر من المشركين، حيث قال:{إذ يوحى ربك إلى الملائكة}، إلى قوله:{فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنانٍ}. وكان ذلك موجودًا يوم أحد. فعرفت آثار ضربات الملائكة لهم. وروي أن تلك الآثار كانت سودًا لا دم فيهم ولا منها. ويصدق ذلك ما نراه من وقع الصواعق، وأن آثار وقعها تكون كالكي. وهذه آثار ظاهرة لأفعالهم الباطنة عنا. فبطل القول بأن أفعالهم لا آثار لها ولا حكم؛ إذ قد ظهر حكم أفعالهم وآثارهم بما ذكرنا.
ثم عارضوا في المعنى. فقال المعترض لمذهب الشافعي على كلام المستدل: إن غسل الميت الذي يختص الموت سقط بإجماعنا. وكان سقوطه عناية من الشرع باستبقاء أثر الشهادة. والغسل لأجل الجنابة قد يسقط لعذر في حال الحياة. واستبقاء آثار الشهادة، إذا ظهرت عناية الشرع به، كان مانعًا من الغسل عن الجنابة. وما معنا أن غسل الملائكة أزال الدم وآثار الشهادة في حق حنظلة.
وأما ما استطردت من حديث سعد بن معاذ، فلا حجة فيه فيما قصدت أنه عن الجنابة, لأن السيرة والتواريخ تنطق بأنه مكث شهرًا يعوده النبي صلع والصحابة؛ وأنه كان قد أصابه سهم عرب في الحلة، وأمر النبي صلع بكية؛ وأنه لم يرق بالكي. فثبت أنه لم يكن غسل إلا غسل الجنابة. إذ قد أجمعنا [على أن] من ارتث وبقي وتطاول هذا الطول،