للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الواجبات قولُه تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا}. (٣٢٦).

وفي الآية فائدتان:

الفائدة الأولى: أن الأبوين يجب بِرُّهما ويَحرُمُ عقوقهما وإن كانا كافريْن، فإنه لا يامر بالشرك إلا كافرٌ، ومع ذلك فقد صرَّحَتْ الآية بوجوب برهما.

الفائدة الثانية: أن مخالفتهما واجبة في أمرهما بالمعاصي، ويؤكد ذلك قولُهُ عليه الصلاة والسلام: "لا طاعةَ لمخلوق في معصية الخالق". (٣٢٧)

المسألة السادسة: قال الطرطوشي رضي الله عنه: أمّا مخالفتهما في طلب العلم، فإن كان في بلده يجد ذلك ثم أراد أن يسافر إلى بلد آخر هو مثل بلده، لَمْ يجُزْ له السفر إلا باذنهما، لأن إذنهما لا يجوز إلا لضرورة، ولا ضرورة هنا، وإن أراد الخروج لمعرفة الكتاب والسُّنة والأدلة والنصوص إلى الاجتهاد، وإن لم يكن ذلك في بلده وكان ذلك في البلد الذي أراد السفر إليه خرج، ولا طاعة لهما إذا منعاه، لأن تحصيل درجات المجتهدين فرضُ على الكفاية، قال سحنون: من كان أهْلا للإِمامة ففرضٌ عليه أن يطلبها، لقوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ}. (٣٢٨)


(٣٢٦) وتمامها قوله تعالى: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}. سورة لقمان الآية ١٥.
ومثلها قوله تعالى تأكيدا على البرور بالوالدين: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [العنكبوت: ٨]
(٣٢٧) أورده الإِمام السيوطي رحمه الله في كتابة الجامع الصغير، رواية ونقلا عن الإِمام أحمد بن حنبل في المسند، والحاكم في كتابه المستدرك، ورمز له بالصحة. وأوردَ له نصا آخر بمعناه عن علي رضي الله عنه وهو "لا طاعة لأحد في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف" متفق عليه. وفي معناه الحديث الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: السمعُ والطاعة على المرء المسلم فيما أحبَّ أو كَرِه، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أَمِرَ بمعصية فلا سمعَ ولا طاعة" رواه الشيخان، أكثرُ أصحاب السنن رحمهم الله.
(٣٢٨) ونصُّ الآية بتمامها: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: ١٠٤]

<<  <  ج: ص:  >  >>