للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن المشترَك، وهو إنزال الماء الذي منه تصَوَّر، كان منهما معا، واستقر الابن عندها، فكان لها التقديم أيضا بهذا المشتَرك، فذكرَ ذلك ثلاث مرات، وفي الرابعة يكون الأب، وأظن هذه الرواية هي الثابتة، ومَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ على من لم يَحْفظ، والله أعلم.

قال شهاب الدين: فإن قلت: ثمّ حرف عطف يقتضي معطوفاً ومعطوفا عليه، وليس معَنَا قبلَها ولا بعدَها إلا الأمُّ، فيَلزَمُ أن تكون معطوفة على نفسها في الرتبة الأولى والثانية، والقاعدةُ العربية أن الشيء لا يُعْطَف على نفسه، ثم قال: قلت: هذا أيضا سؤال مشكل.

ثم إن السائل إنما سأل عن غير الأم المتراخَي عنها في الرتبة، فكيف أجيبَ بالأم، كيف يقال: إن المتراخي عن الأم في البِر هو الأم حتى يحصل الجواب به؟ (٣٤٦) وهذا أيضا إشكال آخر، فقال:


= وبالمناسبة أستحضر ذكرى لي مع البيت الثاني من هذه الأبيات:
"واجْرُر بسابقي يكون إن تُرد ... وبعد ما انصِبْ وانجرارٌ قد يَرِدْ
وهي أنه، وأنا أتابع دراستي في السنة الثانية من الطور الابتدائي بجامع ابن يوسف بمراكش، كان أحد أساتذتي وشيوخي الأفاضل الذين كنت أدرس عندهم آنذاك هو الفقيه الصوفي الورع السيد الحاج عبد الرحمان الصويري رحمه الله، كان يشرح ويقرر البيت الآتي من الخريدة البهية في العقائد التوحيدية لأبي البركات الفقيه العلامة الشيخ أحمد بن محمد الدردير رحمه الله في أبيات من صفات المعاني، وهو قوله:
كلامُه والسمع والإبصار ... فهو الإلاه الفاعل المختار
وواجبٌ تعليق ذي الصفات ... حتماً دواما ما عدا الحياة
وأخذ يقرر القاعدة النحوية المتعلقة بأداة الاستثناء فيه، وأن ضرورة النظم وقافيته هي التي حملت الناظم على أن يأتي بالمستثنَى مكسوراً، مع جوازه لغة وإعرابا، ويبحث عن الاستشهاد لها بالبيت السابق من الألفية، ويحاول استذكاره واستحضاره، فاستحضرته وذكرته له، بنصه: وإذا بي أسمعه يدعو لي ومعي بالخير، فرحمه الله، ورحم كافة علمائنا وشيوخنا الأبرار، وجزاهم عنا وعن المسلمين خيرا إلى يوم الدين
(٣٤٦) هكذا في جميع النُّسخ. وعبارة القرافي هي قولهُ: كيف يقال: إن التراخي عن الأم في البِر هو للأم حتى يحصل الجواب به؟ ولعل ما عند البقوري تبدو أظهرَ في المعنى باسم الفاعل، عوض المصدر: (التراخي كما هو عند القرافي)، فليتأمل ذلك للتصحيح. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>