وغيْرَ قوله: تكليف المرأة البلهاء المفسودة المزاج، فإنه إن أراد الفاسدة المزاج بحيث لا تفقه شيئا فلا أرى ذلك صوابا، فإن مثل هذه لا تكليف عليها، وإن أراد أنها تفقه ولكن بعد تعَب ومشقة شديدة فذلك صواب، مع أن قوله "المفسودة المزاج" فاسد، وصوابه: الفاسدة المِزاج. وغير ما أطلق القولَ فيه من أن اصول الفقه ملحقة بأصول الدين في أن المصيب واحد، والمخطئ آثم، فإن المسألة مختلَف فيها، والمتقدمون من الأصوليين على التخطئة والتاثيم، والمتأخرون على خلاف ذلك. ومسألة المرأة البلهاء المذكورة هنا عند ابن الشاط. قال عنها القرافي في سياق كلامه هنا: فإن تكليف المرأة البلهاء المفسودة المزاج، الناشئة في الأقاليم المنحرفة عفا يوجب استقامة العقل كأقاصى بلاد السودان، وأقاصى بلاد الأتراك، فإن هذه الأقاليم لا يكون للعقل فيها كبير رونق، ولذلك قال الله تعالى في بلاد الأتراك عند ياجوج وماجوج: وفي شأن ذي القرنين: {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (٩٢) حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا}. (سورة الكهف، الآية ٩٣). ومن لا يفهم القول وبَعُدَتْ أهليته لهذه الغاية مع أنه مكلَّفٌ بأدلة الوحدانيَّة ودقائق أصول الدين: إنّه تكليف ما لا يطاق، فتكليفُ هذا الجنس كله من هذا النوع ... اهـ. (٣٥٣) قلت: وحاله هذه كحال المتجاهر بالذنوب والمعاصي، يرتكب معصيتين: معصية الذنب، ومعصية التجاهر به، فيكون ذنبه أعظم ويكون إثمه أكبر، لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنّه قال: "كل أمتي معافى إلا المُجَاهِرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد سترَه الله فيقول: يا فلانُ، عمِلتُ البارحة كذا وكذا، وقد بات يسترُه ربه، وبصبح يكشف ستْر الله عنه. رواه الشيخان: البخاري ومسلم، رحمهما الله. (٣٥٤) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من تعلمَ علما لغيْر الله، أوْ أراد به غيرَ الله فلْيتبوأ مقعده من النار". رواه الامام الترمذي رحمه الله. =