للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثلاث. وقال أبو حنيفة في ذلك كله بواحدة. وقال ابن العربي: الصحيح أن حبلك على غاربك، والخلية، والبرية، والبتة، والبتلة، واحدة، (أي طلقة واحدة).

وإذا قال الرجل: كل حلال علي حرام، حرم الأزواج، إلا أن يخرجهن بنيته أو بلفظه، ولا يخرج غيرهن، وقال ابن عبد الحكم: لا شيء عليه إذا كان من بلد لا يريدون به الطلاق. وقال صاحب الاستذكار (٥٤). في الحرام أحد عشر قولا. قال الإِمام أبو عبد الله (٥٥): وأصل اختلاف الأصحاب في الألفاظ، أن اللفظ إن تضمن البينونة والعدد، نحو أنت طالق ثلاثا لزم الثلاث. ولا ينوَّى -اتفاقا- في المدخول بها وغير المدخول بها، وإن دل على البينونة فقط فينظر، هل تمكن البينونة بالواحدة أو تتوقف على الثلاث إذا لم تمكن معاوضة، فإن أمكنت فواحدة، وإلا فالخلاف، فإن دل على عدد، غالبا، ويستعمل في غيره نادراً، فهل يحمل على الغالب عند عدم النية أو على النادر مع وجوده في الفتيا، وإن تساوى الاحتمال وتقارب قبلت نيته في الفتوى والقضاء، وإن عدمت النية فهل تحمل على الأقل، استصحابا للبراءة الأصلية، أو على الأكثر احتياطا (٥٦).


(٥٤) هو الحافظ الحجة، إمام الفقه والسنة، أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمرى الأندلسي، المتوفى سنة ٤٦٣. ويعتبر كتاب الاستذكار هذا من أجل وأعظم مؤلفاته العلمية القيمة، شرح به بعد التمهيد ما جاء في موطأ الإِمام مالك رحمه الله شرحا واسعا مفصلا، ومرتبا على أبواب الموطأ، ولم يطبع منه فيما أعلم إلا جزآن، والآثار، وليس هو اختصارا للتمهيد كما قيل، واختصره بعد ذلك في كتابه الكافي الذي طبع مؤخرا.
(٥٥) المراد به -كما صرح به القرافي هنا- أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر التميمى المازري المتوفى سنة ٥٣٦، أحد أعلام المذهب المالكي، مؤلف شرح البرهان، وشرح التلقين للقاضي عبد الوهاب البغدادى شرحا جليلا لا يزال في عالم المخطوطات.
(٥٦) قال القرافي هنا رحمه الله: والمشهور في الحرام أنها تدل على البينونة، وأنها لا تحصل في المدخول بها إلا بالثلاث، وفي غيرها بالواحدة، ولكونها غالبة في الثلاث حملت قبل الدخول على الثلاث، وينوَّى في الأقل. والقول بعدم البينونة بناء على عدم ثبوتها وعدم وضعها للثلاث في العرف، كقوله: أنت طالق ثلاثا. والقول بالواحدة البائنة مطلقا بناء على حصول البينونة قبل الدخول وبعد الدخول، وأنها لا تفيد عددا. ونقل عن ابن سلمة أنها واحدة رجعية، بناء على أنها كالطلاق. قال: وعلى هذه القاعدة تتخرج الفتاوى في الألفاظ، انتهى كلام القرافي رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>