للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا ثبت ما ذكره الفقهاء فنقول: ، (٥٧)

إنما تصير هذه الألفاظ موجبة لما ذكره مالك رحمه الله بنقل العرف لها في رتب:

إحداها أن ينقلها عن الإخبار إلى الإِنشاء.

وثانيها أن ينقلها لرتبة أخرى، وهى إنشاء زوال العصمة الذي هو إنشاء خاص، أخص من مطلق الإِنشاء، فإن القاعدة أن الدال على الأعم غير دال على الأخص.

وثالثها: أن ينقلها العرف إلى المرتبة الخاصة من العدد، وهى الثلاث، فإن زوال العصمة أعم من زوالها بالعدد الثلاث، فلهذه الرتبة أشار الإِمام أبو عبد الله. لكنه بقي في القاعدة التي أشار إليها أغوار لم يفصح بهها وهو يريدها، وهي أمور.


= قلت: ومحل هذا -كما هو جلي وواضح من سياق الكلام، هو الطلاق بعد الدخول وقبله بلفظ الحرام وصيغته بأن يقول الزوج لزوجته: أنت على حرام. أما مجرد الطلاق بألفاظه وصيغه المعهودة شرعا ولغة كقوله لها: طلقتك، أو أنت طالق، فهو بعد الدخول يعتبر طلقة رجعية، وقبل الدخول يعتبر طلقة بائنة بينونة صغرى، يمكن معها للزوج أن يتراجع ويعقد على زوجِهِ من جديد مرة أخرى. وكل ما هناك أن المطلقة قبل الدخول لا عدة عليها، لقول الله تعالى في سورة الأحزاب: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا}.
هذا وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن قانون مدونة الأحوال الشخصية المغربية التي صدر بها الظهير الشريف في غشت ١٩٥٧، والمطبقة في أحكام الزواج والطلاق نصت في بعض فصولها على ما يأتي:
ف. ٤٦: يقع الطلاق باللفظ المفهم له وبالكتابة، ويقع من العاجز عنهما بإشاراته المعلومة.
ف ٦٠: الحلف باليمين أو الحرام لا يقع به الطلاق.
ف ٦١: الطلاق المقترن بعدد، لفظا أو اشارة أو كتابة، لا يقع إلا واحدا.
ف ٦٢: الطلاق المعلق على فعل شيء أو تركه لا يقع. ومعلوم أن حكم الإِمام وقراره في المسألة الفقهية يرفع الخلاف الواقع فيها، ويعمل بحكمه فيها، كما نص على ذلك أهل العلم والفقه في الدين.
(٥٧) هذا الكلام للقرافي، وليس للبقوري كما قد يتبادر إلى الذهن.

<<  <  ج: ص:  >  >>