للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها أن هذه الإفادة عرفية لا لغوية (٥٨)، وأنها نَقلتْهُ بالنقل العرفي لا باللغوي.

وثانيها أن مجرد الاستعمال وإن تكرر لا يكفى في النقل، بل لا بد من حالة لا يحتاج فيها إلى نية في فهم ذلك المعنى من ذلك اللفظ المنقول، فهذا هو المنقول.

فإذا تقررت هذه القاعدة على هذا، فظاهرٌ أن أكثر هذه الألفاظ لا نجد أحدا في بلدنا يذكرها، فضلا عن أن يعرف مقتضاها، فضلا عن أن ينوى بها شيئاً مَّا أم لا.

فإذا كنا نقول: إذا تكررت فلا يلزم بها شيء بمطلق التكرار إلا إذا نوى، فأحرى وأولى أن لا يلزم بها شيء في بلاد لا تستعمل فيها إذا لم ينو، ولفظ الحرام يستعمل وتختلف الحال فيه. ففى بلاد مصر هو دال على مطلق الطلاق. أما على الثلاث فلا، هكذا قال شهاب الدين رحمه الله. فلو كان إطلاقه في بلد يستعملونها فيها على الثلاث لزمه الثلاث. قال: وإياك أن تقول: إنا لا نفهم منه إلا الطلاق الثلاث، لأن مالكا قاله، أو لأنه مسطور في كتب الفقه، لأنه غلط، بل لا بد أن يكون ذلك الفهم حاصلا من جهة الاستعمال والعادة، ويحصل لك ولسائر العوام على السواء.

وإذا تقرر هذا فيجب علينا أمور:

أحدها أن مالكا وغيره إنما أفتوا بهذه الأحكام في هذه الألفاظ، لعوائد كانت في زمانهم اقتضت نقل تلك الألفاظ للمعانى التي أفتوا بها، صونا لهم عن الزلل.

وثانيها أنا إذا وجدنا زمانا عاريا عن تلك العادة وجب علينا أن لا نقضي


(٥٨) عبارة القرافي: "أحدها أن هذه الألفاظ عرفية لا لغوية، وأنها تفيد بالنقل العرفي لا بالوضع اللغوي".
وعلق عليه ابن الشاط بقوله: ما قاله في ذلك صحيح ظاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>