للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَمْساً، وتصح نيته مع التَّرداد، (٤٦) والقاعدة أن النية لا تصِح مع الترداد، واستثنِيَتْ هذه الصورةُ لتعذر الجزم بالنية فيها، وليس الأمر كذلك، بل الشك الذي معه أوجبَ أن يصلىَ خمساً، وكذلك من شك في جهة الكعبة، إذا أوجبْنا عليه أربع صلواتٍ فقد جزَمْنا بوجوب الأربع، ولا تَردُّدَ في هذه الأشياء.

المسألة الثانية. من شك في صلاته فلم يدْرِ كَمْ صَلى أثلاثا أم أربعا؟ يجعلها ثلاثا ويصَلى ركعة ويسجد سجدتين بعد السلام، مع أن القاعدة أن من شك هل سها أم لا، لَا شيء عليه (٤٧) وقد يجوز أن يكون زاد وأن لا يكون، فكيفَ يَسْجد؟ مع أنه في غير هذه الصورة لو شك هل زاد أم لا، لا يسجد فتُشْكِل هذه المسألة (٤٨). ثم كيف يصلي هذه الرابعة ولا بد فيها من تجديد النية، فكيف ينوي التقرب بها مع عدم الجزم بوجوبها؟ ، ويجوز أن تكون مُحَرَّمة خامسة، وأن تكون واجبة رابعةً، ومع التردد لا جزْمَ.

والجوابُ أن الشرع جعل الشك سبباً لركعة وسجدتين فلا ترداد، وعَلَى هذا، سببُ السجود الزيادةُ والنقصُ. والشك، لا ما يقوله الفقهاء من النقص


(٤٦) هذا في النسختين: ع، ح: مع الترداد، وعند القرافي: مع التردُّد، وهو المصدر القياسي للفعل الخماسى: تردَّدَ، مثْلُ تكرم وتعلم تكرُّما وتعلُّما، بضم الحرف الرابع في المصدر.
وفي ذلك بقول ابن مالك في ألفيته الشهيرة، وهو يتكلم عن مصادر الأفعال غير الثلاثية:
وغَيرُ ذِي ثلاثة مقيسُ ... مصْدَرِهِ كقُدِّس التقديسُ
وزكِه تزكيةً وأجْمِلَا ... إجْمَال مَنْ تَجَمُّلا تجَمَّلَا
على أنه قدْ يرد سماعاً على وزْن تفعال مثل، تَجوَّلَ تجوُّلاً وتجْوَالًا إلخ .. وفي ضم الحرف الرابع من مصدر الفعل الخماسي يقول ابن مالك في ألفيته.
....... وضُمَّ ما ... يَرْبَعُ في أمْثالِ قد تلْمْلَما
(٤٧) عبارة القرافي: لا سجود عليه.
(٤٨) قال القرافي رحمه الله: "ولقد ذكرت هذا الإِشكال لجماعة من الفضلاء الأعْيانِ، فلم يجدوا عنه جوابا ... الخ، ثم ذكر الجواب كما أورَدَهُ الشيخ البقوري هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>