وليتأمل في التوفيق والتحقيق في هذه المسألة بيْن ما قاله ابن رشد، وما قاله القرافي رحمهما الله. (٣٩) كذا في كل من نسخة ع، وح: "وقد أجيب الأول بالأخ ... ، والثاني بأن الرفع كان لغاية ... ). وفي نسخة ثالثة: وأجيب عن الاول وعن الثاني، ويكون الضمير في هذا الفعل نائبا عن الفاعل، عائدا على القائل من الفقهاء بأن التيمم لا يرفع الحدث، فأجيب عن دليله الاول النقلي، وعن دليله الثاني العقلى، وعن دليله. الثالث الذي هو الترجيح بقول الجمهور، ويظهر أن ما في هذه النسخة أوضح وأبْين، يؤيد ذلك ما جاء عند القرافي هنا حيث قال في الجواب عن الاول .... ، وعن الثاني .... " وعن الثالث .... الخ. وهذه الفقرة المختصرة هنا عند البقوري تتضح أكْثر بكلام القرافي مفصّلا ومتوسعا فيها حيث قال: ويستفاد من هذا البحث أيضا بطلان قولهم: إن التيمم لا يرفع الحدث، (وهو عكس المسألة الاولى) التي قيل فيها بأن الحدث يرتفع عن كل عضو وحده بغسله، وهي كذلك مقالة باطلة عند القرافي وفي نظره، بسبب أن الحدث هو المنع الشرعي من الصلاة، وهو متعلق بالمكلف، وهو بالتيمم أبِيحَتْ له الصلاة إجماعا، وارتفع المنع اجماعا، لأنه لا منْع مع الاباحة، اذ هما ضدان، والضدان لا يجتمعان، واذا كانت الاباحة ثابتة قطعا، والمنعُ مرتفعا قطعا، كان التيمم رافعا للحدث فطعا، فالقول بأنه لا يرفع الحدث باطل قطعا. ثم قال القرافي: فإن قلت: يدل على انه لا يرفع الحدث النص والعقول. ١) النصُّ قوله - صلى الله عليه وسلم - وسلم لمن كان جنُبا فتيمم وصلى بالناس: "أصليتَ بأصحابك وأنتَ جنُبٌ؟ " فسمَّاه جنبا مع التيمم. ٢) وأمّا المعقول فلأِنه يجب عليه استعمال الماءِ في غسل الجنابة إذا وجد الماء، فلو كان الحدث ارتفع لكانت الجنابة ارتفعت بالتيمُّمِ، ولمَا احتاج للغسلِ عند وجود الماء، فهذا ظاهر في بقاءِ الحدثِ وصحة القول به. ٣) ثم هذه المقالة قال بها اكثرُ الفقهاءِ، والقائلون بأنه يرفع الحدث قليلون جدا، والحقُّ لا يفوتُ الجمهورَ غالبا. ثم قال القرافي رحمه الله: قلت: الجواب عن الاول أنّ قوله - صلى الله عليه وسلم - خرج مخرج الاستفهام للاستطلاع على ما عند المسؤول من الفقه وبماذا يجيب، فيظهر فقهه لرسول الله ص، كما سأل معاذاً لما بعثه إلى اليمن، بمَ تحْكم؟ قال: بكتاب الله تعالى. إلى آخر الحديث، لا أنه عليه الصلاة والسلام أصدرَ هذا الكلام مصدر الخبر الجازم حتى يلزم الحجة منه، ولو كان قد خرج