للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَمَاسَّا} (١٤). فلما اشترط هذا لم يصح له اباحة الوطء الا بأن يستأنف الصوم، ولم يكن كالنذر، والله أعلم.

وها هنا مسألة هي مثل ما ذكرناه باعتبار، وهي أن التطوعات عند مالك، من الصوم أو الصلاة أو غيرهما، شأنها أنها تجب بالشروع، ثم مع هذا يقول مالك فيها: إن كان افسادها لعذر واضح كالنسيان فلا قضاء فيها، وإن كان لا لعذر فالقضاء، وقاعدة الوجوب في القضاء ألَّا نفرق بين نسيانه وعمده.

فالجواب أن الفطر إذا كان نسيانا أو لعدم قدرة، ما كان الإِتمام واجباً، ولَمَّا لم يكن واجبا لم يكن القضاء مرتَّبا، فلما لم يكن عذر بشيء من ذلك فالوجوب ثابت في الإِتمام لوجود شرط الوجوب، فإذا وقع الفطر في الصوم فالقضاء، كما قال - صلى الله عليه وسلم - لحفصة وعائشة: "أفطرا واقضِيا يوماً مكانه".

قلت: ونلحق هنا مسألة وهي: لِمَ كان الفرض يُقضَى مطلقا، وكان النفل يفرق فيه، بل كان القياس يقتضى ألَّا قضاء في النفل مطلقاً، لإِظهار رتبة الفرض، فنقول: إنما وقع التفريق لأنه بالشروع لحق بالفرض فوجب أن يحكم له فيه بحكمه ما لم يعارضه معارض، وهو ما قلناه في المسألة قبل هذه، فأوجب ذلك الفرق.

قلت: وهنا سؤال، وهو: لِمَ كان التطوع في الصوم يفرق في قضائه بين العذر وغيره كما تقدم، وكان الاعتكاف يتعين فيه القضاء، وكل واحد من الصوم والاعتكاف وجب بالشروع فيه، والوجوب سببُ القضاء؟ فأجيب بأن الاعتكاف اختص بأشياءَ ليست في غيره فغُلِّظَ حكْمُه.

قلت: ونذكر هنا أيضاً مسألة، وهي: لِمَ كان الأفضل الصوم في السفر، والأفضل قصر الصلاة في السفر، وكلاهما رخصة في عبادة؟


(١٤) سورة المجادلة، الآية ٣، ٤، وأولها: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}.

<<  <  ج: ص:  >  >>