للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خبره، وخبره كلامه النفسي، فيكون الحالف قد حلف بكلامه النفساني، فتلزمه الكفارة إذا حنث.

قال شهاب الدين: وهنا تنبيهات:

الأول أنه إذا قال: علي كفالة الله، فهو لا يكون حلِفا إلا بالمجاز، فلا بد من أحد أمرين: اما أن يكون قد نقل هذا اللفظ للقسم نقلا عرفياً، فوقعت الفتوى بحسب العرف، أو يكون للمتكلم. نية تتزلب عليها الكفارة باليمين بها، والأظهر مِن مالك أنه أفتى بها من حيث العرف.

فإذا كان هكذا فالحكم في ذلك قد يختلف بحسب اختلاف العرف، فلا يقال لهذا الحكم: إنه تانم لهذا اللفظ أبداً من غير اعتبار بقاء العرف أو اختلاف.

التنبيه الثاني، أن كفالة الله أضيفت فيه الكفالة إلى الله، والإِضافة تكون بأدفى ملابسة، فهي تحتمل ثلائة أنواع من الكفالة: أحدها الكلام القديم والوعد الذي هو الكلام النفسي. وثانيها كفالة الله التي هي التزامه اللفظي الذي في القرَآن وغيره، الدال على الكلام القديم. وثالثها، كفالة خلقه، التي هي ضمان بعضهم لبعض، التي هي من فعلنا، فهي مضافة إلى الله تعالى إضافة المشروعية، كما قال تعالى: {وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ}، أي التي شرَع (١٩).

وإذا كانت الكفالة تصدق على معنى قديم ومعنيين حادثين، فكيف يكون


= قلت عن هذه الملاحظة والتعقيب: ذلك شأن كثير من علمائنا القدامى رحمهم الله حيث يحاولون أن يستوعبوا ويستطردوا، ويُوردُوا كلَّ ما يتصل بالمسألة المتحدث عنها، لغة واشقاقاً وغير ذلك، تعميما للفائدة وتحصيلا لها.
(١٩) عبارة القرافي: فهي تضاف اليه إضافة المشروعية كما قال تعالى: {وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ}، أي التي شرعها وأوجب علينا أداءها، فأضافها اليه تعالى إضافةَ المشروعية، لأنه تعالى شاهد ولا شهود عليه، فكذلك هذه الكفالة المندوب إليها تصح إضافتها إليه تعالى إضافة المشروعية.

<<  <  ج: ص:  >  >>