للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مطلق الكفالة، الدالُّ على الْأعَمِّ يدل على الأخص الذي هو العنى القديم (٢٠).

التنبيه الثالث، أنه لو قال المتكلم: وكفالة الله، أو أُقسِم بكفالة الله لكان قسما صريحاً، وكان أولى في لزوم الكفارة من قوله: علي كفالة الله.

التنبيه الرابع: أن للكفالة ألفاظاً تدل على مقتضاها، وهي مترادفة كالضمان، فحق هذه الألفاظ أن يجري فيها من ذلك الذي ذكرناه ما جرى في لفظ الكفالة.

اللفظ السادس، الميثاق، قال مالك رحمه الله: إذا قال: علي ميثاق الله، وحنِث، لزمته الكفارة، والميثاق هو العهد الموثَّق باليمين، فيكون الميثاق مركباً من العهد واليمين. وعلى هذا يرجع إلى الكلام النفسي، لأن العهد قد تبين أنه يرجع إلى الكلام النفسي. والقسَمُ أيضاً كذلك، لأنه خبر عن تعظيم المقسم به، فالمركب من ذلك يرجع اليه. ويرِدُ عليه ما وَرَدَ على كفالة الله (٢١).


(٢٠) تمام كلام القرافي قوله: ومطلق الإضافة هو الموجود، وهو الذي دل عليه اللفظ، والدال على الأعم غير دال على الأخص، فلا يكون لفول القائل: "علي كفالة الله"، إشعار بالكفالة القديمة البتة، لأن نوعها أخص مما دل عليه مطلق الاضافة، فلا يكون هذا اللفظ موجبا للكفارة من جهة أن المتكلم حلف بصفة من صفات الله تعالى البتة، بل إما بجهة النذر أو بجهة أخرى كما تقدم بيانه، فتأمل ذلك.
أقول: وبِإتمام الكلام عن هذا التنبيه الثالث من خلال هذه الفقرة للقرافي، يكون الجواب عن التساؤل الذي أتى به الشيخ البقوري، وتركه دون جواب منطوق.
كما أن تعليق الشيخ ابن الشاط على هذه التنبيهات الأربعة، يوضح ذلك حيث قال:
ما قَالَهُ القرافي في ذلك صحيح. والذي يظهر من مالك رحمه الله أنه كان يرى ذلك عرفا في زمانه أو عرفا شرعيا، فأما إن كان عرفا زمانيا فإنه إذا تغير، تغير الحكم، وأما إن كان عرفا شرعيا فلا يتغير الحكم، وإن تغير العرف، والله أعلم.
(٢١) عبارة القرافي هنا: والميثاق مأخوذ من التوثق وهو التقوية.
والفرق بينه وبين العهد واليمين: أما اليمين فهو القسم، وأما العهد فقد تقدم أنهُ الالتزام، والميثاق هو العهد الموثق باليمين، فيكون الميثاق مركبا من العهد واليمين معا كذا كان عز الدين بن عبد السلام رحمه الله ينقله عن اللغة.
وقد علق الشيخ ابن الشاط على هذا الكلام عند القرافي بقوله: ما قاله صحيح، غير قوله: "والقسم أيضا يرجع إلى الكلام لأنه خبر عن تعظيم المقسم به"، فإن القسم ليس خبرا عن تعظيم المقسم به، بل هو نوع من أنواع الإنشاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>