للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: التخريج على أقوال الفقهاء رده أبو الطاهر بن بشير، وقال: العلماء في جوازه والقول به من حيث كلام المعصوم، بينهم فيه خلاف، فكيف يسوغ أن يقال به في كلام غير المعصوم.

القسم الثالث، الصفات السلبية كقولنا: ليس بجسم ولا جوهر وما أشبه هذا، فقال شهاب الدين رحمه الله: هذه السُّلوبُ منها قديم ومحدث. فالقديم نحو ليس له شريك ولا هو بجوهر، والحادث نحو عفوه بعد تحقق الجناية، وكذلك حِلمه تعالى تأخير العقوبة بعد تحققها، والجناية حادثة، فما يترتب عليها حادث. فأما القديم من هذا القسم، فهو أقرب لانعقاد اليمين بها، لأنها قديمة متعلقة بالله، لا سيما إذا كانت الاضافة في اللفظ إلى الله، بخلاف أن يقول: وسَلْب الشريك، فإنها بعيدة من انعقاد اليمين، والحادثةُ تَبْعُدُ عن انعقاد اليمين بها أكثر، قال شهاب الدين: ولم أجِدْ في هذه المواطن نقلا (٣١)

القسم الرابع من صفات الله تعالى، الصفات الفعلية، كقوله: وخَلْقِ الله، ورزقِ الله، وعطاءِ الله، ونحو ذلك (٣٢)، فالحلف بهذه الصفات منهي عنه، ولا يوجب كفارة إذا حنث (٣٣). وهنا مسائل:


(٣١) علق الشيخ ابن الشاط على ما جاء عند القرافي في هذا القسم والمبحث بقوله: ما قاله صحيح، غير ما قاله في الحِلْم: إنه تأخير العقوبة، فإن هذا عندى فيه نظر، والأقرب أن الحلم ترك المحاسبة والمعاقبة، والعفو ترك العاقبة، والله أعلم.
أقول: وهذا الفهم عند ابن الشاط هو الانسب والأولى، خصوصا في جانب الله تعالى، إذ هو المتكرم والمتفضل على من يشاء من عباده بالعفو والمغفرة والرحمة الواسعة، وأخلاق المؤمن مِنْ أخلاقِ الله، ومن أخلاق نبيه ورسوله الذي هو القدوة الحسنة لامته المسلمةِ.
ثم ذكر القرافي هنا فائدة وقال:
السلب في حق الله تعالى سلبان: سلب نقيصة، نحو سلب الجهة والجِسْمِيةِ وغيرهما، وسلب المشارك في الكمال، وهو سلب الشريك، وهو الوحدانية (أي إثباتها لله واعتقادها في جانبه سبحانه) فاعلم الفرق بينهما.
(٣٢) زاد القرافي هنا قوله: وإحسان الله ونحو ذلك مما يصدر عن قدرة الله تعالى.
(٣٣) عقب ابن الشاط على هذه الفقرة بقوله: ما قاله القرافي في ذلك صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>