للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الأولى، قال ابن يونس: قال أصحابنا: معاذَ الله ليست يمينا، إلا أن يُرِيد اليمين. وقيل: معاذ الله، وحاشى الله، ليستا يمينين مطلقا. لأن المعاذ من العوذ، وحاشا الله، التنزيه إليه، فهما فعلان محدثان.

وقال شهاب الدين: ثم إذا أراد الحِلفَ بمعاذ الله، فإما أن ينصِبَ أو يرفع أو يخفض، فإنْ نصَبَ كان التقدير أُلزِم نفسي معاذ الله، وإن رفع فتقديره: معاذ الله قسمي، وإن خفض فعلى حذف حرف القسم. قال: والقسم بهذا إما بالنية أو بالعرف، وإلا ما يكون قسما، فإن الخبر لا يكون إنشاء إلا بنقلٍ.

قلت: وذكره هنا أن معاذ من العوذ، لا أدري هل يريد معاذ المعجم أو غيره، فإن كان أراد المُعْجَمَ فباطل أنه من العود الذي هو الرجوع، والأقرب للفصل أنه أراد المعجم (٣٤).

وقال سيبويه في معاذ المعجم، كأنه حيث قال: معاذ الله، قال عياذا بالله، وعياذا تنصب على أعوذ بالله عياذا، ولكنهم لم يظهروا الفعل هنا. وإذا كان هكذا فالرفع في معاذ الله المذكور لا يصح لأنه مما التزمت العرب فيه النصب. وأما الخفض فلا يجوز بحال، كان المعجم أو غيره، لأن حذف حرف الجر الذي هو حرف القسم، وخفض المقسم به إنما يكون في الاسم الكريم اسم الجلالة فقط.

قال شهاب الدين: وأما حاشا الله، فمعناه، براءة الله، أي براءة منه لله تعالى. ويحتمل هذا أن يكون كناية عنه، وأن يراد به الكلام القديم، ويصح إضافته باللام لله تعالى، فإن الله تعالى ينزه نفسه بكلامه النفساني، فإن وجدت نية لذلك أو عرف يقوم مقامها وجبت الكفارة، وإن لم يوجد ذلك لم تجب الكفارة،


(٣٤) وهو الأنسَبُ كما يستفاد من الآية الكريمة في سورة يوسف حيث جاء فيها ما حكاه الله على لسان هذا النبي الرسول: "قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواى".
أما عند القرافي وتعليق ابن الشاط، فقد وردت بالذال المهملة، وهي بمعنى العوذ والحصن بالله من الوقوع في الشر والسوء، وقد علق ابن الشاط على ما جاء في هذه المسألة بقوله: ما قاله فيه نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>