ومثله حديث النَّسائي أن العميصاء أو الرمَيصاء جآت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تشتكي زوجَها أنه لا يصل إليها، فلم يلبث أن جاء زوجها فقال: يا رسول الله، هي كاذبة، وهو يصل إليها، ولكنها تريد أن ترجع إلى زوجها الأول، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ليس ذلِكَ لك، حتى تذوقي عُسيلته. ومثْل هذا الكلام أورده الإِمام الصنعاني في أول كتاب النكاح من شرحه (سبل السلام على بلوغ المَرام من أدلة الاحكام) للحافظ ابن حجر رحمهم الله ورضي عنهم أجمعين. (٥٧ م) كذا في نسخة ع، وح وفي نسخة ت: بالقول، وكلاهما سليم، ابن زيد: "وتَاذَنُ بِالقَول". (٥٨) كذا في جميع النسخ، أو متوقفة، وأهل صوابه أن يقال "أو غيرُ متوقفة على الولي" بالنَفي، حتى يصح المعنى وينسجم مع ما قبله. فليتأملْ ذلك، وليصحح. (٥٨ م) كذا في نسخة ح: وفي جُل النسِخ الاخرى: جاءَ، هكذا بالهمز، بمعنى ورد، ويبدو لكل كلمة معنْى ووجْهٌ سليم تُحمَل عليه، فليُتأمَّل ذلك، وليُصَحَّحْ، والله أعلمُ. (٥٩) أورده كذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله في كتابهِ بلوغ الرام، روايةً عن أبي هريرة رضي الله عنه. وقال فيه: رواه ابن ماجة والدارقطني، ورجالهَ ثِقاتٌ، واقتصَرَ فيه على إيراد شطره الأول: "لا تزوجُ المرأةُ المرأةَ، ولا تزوج المرأة نفسَهَا". قال في شرحه الإمامُ الصنعاني رحمه الله: "فيه دليل على أن المرأة ليس لها ولاية في الإِنكاح لنفسها ولا لغيرها، فلا عبارة لها في النكاح إيجابا ولا قَبولا. فلا تزوجُ نفسها بإذن الولي ولا غيره، ولا تزوج غيرَها بولاية ولا بوكالة، ولا تقْبَلُ النكاح بولاية ولا وكالةٍ، وهو قول الجمهور. واستدل الجمهور بالحديث (اي بهذا الحديث المذكور)، وكذا بالحديث الذي أخرجه الإِمام أحمد ابن حنبل، وأصحاب السنن الاربعة عن أبي بُردةَ بن أبي موسى عن أبيه قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا نكاحَ إلا بولي"، كما استدل الجمهور على اعتبار الولي بقوله تعالى: "وإذا طلقتم النساء، فبلغن أجلهن، فلا تعضلوهن أن ينكحن ازواجهن إذا تراضَوْا بينهم بالمعروف". قال الإِمام الشافعي رحمه الله: هي أصْرَحُ آيةٍ في اعتبار الولي، وإلَّا لما كان لِعضله معنى. =