قال شراح الموطأ: لقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}، فجعل إتمامها حوليْن كامليْن يمنع الحكم بعْدهما كحكمهما، فتنفي (الرضاعةُ في الحولين) رضاعة الكبير، وفي الصحيحين مرفوعا - (كما سبق ذكرِه): "إنَّما الرضاعة من المجاعة"، وفي الحديث: "لا رضاعةَ إلَّا ما شدَّ وأنبتَ اللحم، أو قال: أنشزَ العظْم"، رواه عن ابن مسعود موقوفا، ومرفوعاً ابو عمر، رفعه، وفي الترمذي: وقال: حسنٌ، مرفوعا: لا رضاعة الَّا ما فَتَقَ الأمعاء (أي فتحها) وكان قبلَ الحولين، كلُّ ذلك ينفي رضاعةَ الكبير، لِأن رضاعه لا ينفي جوعه، ولا يَفْتِق أمعاءه، ولا يشُدُّ عظْمه. ثم قال الزرقاني على الموطأ في خلاصة وختام كلامه عن هذه الاحاديث: "وأتى الامام (مالك في الموطأ) بهذين الاثرين بعد حديث سهلة، للإِشارة إلى العمل على خلافه، فهو خصوصية لها أو منسوخ، وهذا مذهب الجمهور، بل ادَّعى الباجي الاجماع عليه بعد الخلاف". وقد رأيت أن أنقل هذا الموضوع على طوله، لا فيه من الاحاديث وأقوال العلماء وتحَرِّيهم فيه، وخروجهم منه بأن الرضاع المعتمد هو الذي يكون داخل الحولين لا خارجهما فلا يكون معتبرا، ولا تصبح به المرضع أماً، فرحمهم الله جميعا. (٢٣) هذه المسالة في بيع الفضولي تعود إلى الشرط الخامس المطلوبِ فيما يجوز بيعُه، وهو كون المبيع مملوكا للعاقد، وكون الثمن مملوكا للمعقود له أَوْ مَن أُقِيما مَقامهما. وبيْعُ الفضولي كما يذكره الفقهاء ويعرفون هو بيعٌ الشخص ما ليس في مِلْكه دون إذن مالك الشيء وموافقته، أو شراءُ شيء لشخص دون اذنه وموافقته كذلك. وهو بيع ينعقد ابتداء ويتوقف على إذن وموافقةِ صاحب الشيء المبيع أو الشيء المشترَى. وقال الشافعي: لا ينعقد. وقد علَّق الشيخ ابن الشاط على ما جاء عند القرافي في هذه المسألة الثانية فقال: ما قاله في هذه المسألة إلى آخر الفرق حكاية أقوال، وتوجيهٌ وترجيح لا كلام فيه معَه". اهـ،