للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرابعَ عشرَ تَعيين مكان القبض باللفظ أو العادة، نفْيا للغرر، فمتى انخرَم شرط من هذه، فهو السَّلَمُ الممنوع.

قال شهاب الدين: ولَمْ أر واحداً وصَّلها لعشرة، وهي أربعة عشر كما ترى، وفروع المدونة شاهدة لها، وفي الشروط ست مسائل (٨٩):

المسألة الأولى (٩٠): الحَذَرُ من بيع الدين بالدين، أصلُه نهيه عليه السلام عن بيع الكالئ بالكالئ (٩١) وكان هذا، لأن صاحب الشرع ما جاء إلا برفع الشغب وتقليلِ النزاع إن لم يستطح على رفعه، والكالئ بالكالئ مما يقَوِّي النزاع ويثيره، إذْ هُو طلَبٌ من الجهتين.

ثم الكالئُ قد يكون من الكلاءة التي هي الحفظ والحراسة، وكل واحد من المتداينين وُراقب صاحبه ويحفظه لأجْل دَينه الذي له قِبَلَه، فهو اسم فاعل، وفي الكلام حذف، تقديره: النهي عن بيع مالِ الكالئ بمال الكالئ، لأن الرجلين لا يباع أحدما بالآخر، ويكون بمعنى اسم المفعول كالماء الدافق (٩٢)، ويُسْتَغْنَى عن الحذف، وقد يكون اسما للدينين ويُسْتَغْنى أيضا عن الحذف.


(٨٩) علق الشيخ ابن الشاط على كلام القرافي في اول هذا الفرق إلى هنا فقال: ما قاله في ذلك صحيح.
(٩٠) علق ابن الشاط على هنا المسألة عند القرافي بقوله: ما قاله في ذلك صحيح.
(٩١) الكالئ: اسم فاعل من الفعل الثلاثي كلَأ، وهو يستعمل لازما، فيقال: كلَأ الدَّينُ أي تأخر، ويقال في أداء الصداق عند عقد الزواج: بعضه معجَّلٌ، وبعضه كالئ (أىّ مؤجَّلٌ ودَيْن في ذمة الزوج حتى يؤديه لزوجته). ويستعمل متعديا في معان، منها الحفظ، ومنها الانتظار، يقال: كلأه الله بمعنى حفظه، ويقال: كلَأ النجمَ، يكلأه بمعنى رعى طلوعه وانتظر ظهور في السماء، وعن معنى الحفظ قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ}. سورة الأنبياء. الآية ٤٢.
(٩٢) ومنه الآيةُ الكريمة في سورة الطارق، وهي تَلفِت نظر الانسان وتذَكِرُهُ وتُثير انتباهه إلى عظمة الله وقدرته جل جلاله في أصل تكوين الانسان وخلْقه، ممّا يدل دلالة قاطعة وأضحة على قدرة الله تعالى على بعث الانسان وإحيائه بعد مماته: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (٥) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (٦) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (٧) إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (٨) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (٩) فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ}. والصلب بالنسبة للرجل، والترائب (اي الصدر) بالنسبة للمرأة.

<<  <  ج: ص:  >  >>