للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن أوقافهم أعنى الملوَك والخلفاء إذا وقعت على وجه الصحة والأوضاع الشرعية لمصالح المسلمين أنها تنفَّذُ، ولا يجوز لأحد أن يتناول منها شيئا إلا من قام بشرط الواقف، ولا يجوز للإِمام أن يطْلِق ذلك الوقف بعد ذلك لمن لم يَقُمْ بذلك الشرط، إذ قد صار ذلك الشرط لازِمًا للمسلمين والإمام كسائر الأوقاف، ولا يجوز للإِمام تحويلُه عن تلك الجهة، فإنْ وقَفَ الملوكُ على غيْر الأوضاع الشرعية كأن يُوقِفوا على أولادهم وحَرَسِهمْ، حوزا لدنيا لَهم (١٩) لم ينفذ هذا الوقف، وحرم على من وُقِف عليه تناوُله، وللإِمام انتزاعُه وصرْفُه له أو لغيره على حسب ما تقتضيه مصالح المسلمين، وأمّا وقفُ الوالي فباطل (٢٠).

فإن قلتَ (٢١): فَإنْ وَقَفَ على ولده بعضَ أراضى المسلمين وقُراهم أو على أحد من أقاربه واشترَى ذلك من ماله الذي اكتسبه في زمن مملكته، هل يصح ذلك الوقف أم لا؟

قلت: أكثرُ الملوك، فقراءُ قَدْ رَكِبَهُم الدَّينُ (٢٢) بسبب ما جَنوْا على المسلمين من تصرفاتهم في بيت مال المسلمين بالهَوى في أبنية الدور العالية والمراكب النفيسة والأطعمة الطيبة وإعطاء الأصدقاء وغير ذلك من التصرفات المنهي عنها شرعا، فهذه ديون عليه، فتكثُر مع طول الأيام، فيتعذر بسببها أمرانِ:


(١٩) كذا في نسخة ع، وفي نسخة ح: كأن يوقفوا على اولادهم وحَرَمهم، حوْزا لدنياهم. وفي نسخة ت: كأن يوقفوا على أولادهم وحرمَهم حِرزا لدنياهم، لم ينفذْ، وعبارة القرافي هنا: فإن وَقَفُوا على أولادهم أو جهات أقاربهم لهواهم وحِرصهِم على حَوْزِ الدنيا لهم وذراريهم، واتِّباعًا لغير الأوضاع الشرعية لم يُنَفذْ هذا الوقف.
(٢٠) كذا في ع، وح. وفي ت: "وأما الوقف الأول فباطل"، وهو ما عند القرافي، ولا شك أن المعنى مختلِف باختلاف العبارتين كما هو ظاهر، فليتأمل ذلك وليصحَّح.
(٢١) هذا التساؤل والتعقيب هنا للقرافي رحمه الله في هذه المسألة من هذا الفرق.
(٢٢) كذا في نسخة ع، وفي ح، أفْقَرَهُمْ الدَّين، وفي ت: قد رَكِبَتْهُمْ الديونُ (بصيغة الجمع).
وعبارة القرافي هنا: الملوك فقراء مدينون بسبب ما جَنَوْه على المسلمين من تصرفاتهم في أموال بيت المال بالهوى في أبنية الدور الحالية والمراكب النفيسةِ، إلى آخر ما أورده الشيخ البقوري هنا .. وكما ذكره القرافي رحمهما الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>